واتساع مسرح للابصار ، وتحتها تلك الانهار السبعة تتسرب وتسيح في الطرق شتى فتحار الابصار في حسن اجتماعها وافتراقها ، واندفاع انصبابها ، وشرف موضوع هذه الربوة ومجموع حسنها أعظم من أن يحيط به وصف واصف في علو مدحه وشأنها في موضوعات الدنيا الشريفة خطير كبير. ويذكر البدري أنه كان بها سوقان ، وبها صيادو السمك يصطادون والقلايون على جبل النهر يقلون ، وكان يذبح فيها كل يوم خمسة عشر رأسا من الغنم خلاف ما يجيئها من المدينة وكان بها عشرة شرايحية ليس لهم شغل غير الطبخ والغرف في الزبادي والصحون وكل ما تشتهيه الانفس ، وبها فرنان وثلاث حوانيت لعمل الخبز التنوري وبها حمام ليس على وجه الارض نظيره لكثرة مائه ونظافته (لعله الحمام الذي بناه أبو الجيش خمارويه وقتل به وكان محله في محل المقهى الاول على يمين الذاهب الى دمر بين نهري يزيد وثورى ، ومن الممكن أن يكون هذا المقهى تابعا لقصر أبي الجيش المذكور) وللحمام المذكور شبابيك شرقية وشمالية وقبلية وعدة غرف ، وفي الربوة أيضا سبعة مقاصف كل مقصف فيه من الثريات والمصابيح والغطاء والوطاء ما لا يحتاج له الوصف حتى بعض الناس يطلع عليها ليتنزه يوما فيقيم بها شهرا.
ويقول ابن طولون ان بها جامعا بخطبة وأربعة مساجد ومدرسة يقال لها المنبجية موقوفة على مدرس حنفي وطلبة ، وبها عدة أبنية جميلة تزيد تلك الجهة جمالا ورونقا ففي الجبل الغربي صومعتان مبيضتان تحت كل منها ضريح عرف بالعاشق والمعشوق وشماليهما برج قديم يعرف بالعذول ولا شك أن هذه التسمية هي من قبل العوام ، وكان بعض الناس يقصد الربوة يوم السبت والثلاثاء وبعضهم يوم الاحد