(غربي الأردن) ، مقسمة إلى مقاطعات كالتالي : ١) الجليل وعاصمته حاصور ؛ ٢) سماريا وعاصمتها مدينة سماريا ؛ ٣) يهود وعاصمتها أورشليم ؛ ٤) أدوميا وعاصمتها لاخيش ؛ ٥) فينيقيا ، وهي مقسمة بين صور وصيدا ؛ كما فيها مدن تتمتع بحكم ذاتي ، أكزيب (الزيب) وعكا وغزة. أمّا إلى الشرق من نهر الأردن ، فيرد ذكر العمونيين والجلعاد وعشتروت قرنايم (الباشان) والحوران. وأمّا جنوب الأردن ، وكذلك جنوب فلسطين ، فقد كانا خارجين كما يبدو عن السلطة الفارسية ، على الرغم من إدعاء الملك وراثتهما من الكلدانيين ، الذين أقاموا فيهما حكما قويا. وكان على رأس كل مقاطعة حاكم (باشا) ، مسؤول أمام الوالي (ستراب).
وفي إطار سياسة الاعتدال والتسامح الديني التي سلكها كورش إزاء كل الشعوب غير الفارسية في إمبراطوريته الواسعة ، والتي ضمت شعوبا كثيرة ، ومنها من كانت له حضارة قديمة احترمها الفرس ، أصدر الشاهنشاه مرسوما يسمح ليهود بابل بالعودة إلى «أورشليم في يهود». ومرة أخرى اعتبرت الرواية التوراتية أن «يد الله» كانت وراء الحدث ، فشبهته بالخروج من مصر ، واكتسب فيها طابعا عجائبيا. وفي هذا السياق ، اعتبر كورش مخلصا ، بعثه الله لينقذ بني إسرائيل بعد أن ثاب عليهم ، ويعيدهم إلى «الأرض المقدسة» التي كان أبعدهم عنها عقابا لهم على مخالفة إرادته. وبناء عليه ، كان كورش بمثابة «المسيح المنتظر». وفي صيغتها القائمة في التوراة ، لا يمكن اعتبار الرواية تاريخية ، وإنما صيغة طوباوية ، ذات رسالة دينية ، لحدث تاريخي من صنع الإنسان في سياق الزمان والمكان.
وحتى من الرواية التوراتية بشأن «عودة صهيون» ، يتضح أن الذين انتهزوا الفرصة ، وأفادوا من المرسوم الملكي ، لا يتجاوزون نصف يهود بابل عددا. أمّا النصف الثاني ، فقد آثر لأسباب متعددة البقاء فيها. وفي الواقع ، فإن المرسوم لم يتحدث عن عودة «اليهود» (نسبة إلى يهودا) كلهم إلى فلسطين كلها (أي أرض ـ إسرائيل كما تسميها التوراة) ، وإنما إلى أورشليم فقط ، (أي العودة إلى «صهيون»). ويطال الإذن بالعودة فقط أولئك الذين أجلاهم نبوخذ نصّر وذريتهم ، من دون سواهم. وقد عين كورش حاكما فارسيا على المدينة ، ولم يخوّل أيّا من العائدين اليهود إليها ، بمن فيهم حفيد آخر ملوكها من ذرية داود ، سلطة سياسية ، بل اقتصر الأمر على حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية.
ولم تحقق الموجة الأولى من العائدين إنجازات تذكر ، بل على العكس ، إذ تسهب الرواية التوراتية في وصف الأوضاع السيئة التي وصلوا إليها ، وصراعهم مع الجوار الذين لم يستقبلوهم بالرضى ، وخصوصا سكان السامرة. وعندما راحت