رجاله حرب عصابات ضد السلطة وأعوانها. واستطاع خلال فترة قصيرة أن يفرض سيطرته على الريف ويعزل أورشليم. فاستدعى بذلك تدخل السلطة المركزية في أنطاكيا.
وبعد موت متتياهو ، تولى أبناؤه الخمسة إدارة الصراع مع السلوقيين. وتميّز بينهم يهودا ، المعروف بلقب مكابي ، بقدراته العسكرية ، فتولى قيادة الجيش الذي راح يتخذ شكلا نظاميا. واستطاع يهودا المكابي ، بغارات سريعة وخاطفة ، أن يهزم القوات اليونانية المحلية. وأخيرا دخل أورشليم (١٦٤ ق. م.) ، وحاصر الحكرا ، واستعاد الهيكل ، وأقام احتفالا لمناسبة تطهيره من عبادة الأوثان ، مدشنا بذلك العيد اليهودي ـ «حنوكا». وعندها تحركت أنطاكيا ، فأرسلت جيشا كبيرا بقيادة ليسياس ، الوصي على ولي العهد الشاب ، أنطيوخوس الخامس ، حيث كان الملك أبيفانس يقاتل المتمردين في الأراضي الشرقية لملكه. وانتهت الحملة إلى تسوية ـ هدنة ، ألغى أبيفانس بموجبها المراسيم التي أصدرها. وبذلك اعترف السلوقيون بحرية العبادة لليهود ، ولكن ليس بالسيادة السياسية للحشمونيين.
وبعد موت أبيفانس ، اندلع الصراع في العاصمة السلوقية ، وانتهز ديمتريوس الأول الفرصة ، وهرب من روما حيث كان يقيم رهينة ، ووصل إلى سورية وانتزع الملك (١٦٢ ق. م.). وسارع معارضو الحشمونيين ، وعلى رأسهم الكاهن الأكبر ، ألكيموس إلى طلب مساعدته ضدهم ، فلبى ديمتريوس طلبهم ، وأرسل إليهم جيشا بقيادة نيكانور. لكن يهودا المكابي هزمه ، واستمر الصراع. وإزاء إصرار ديمتريوس على إخضاع اليهود لإرادته ، سعوا للتحالف مع روما ، فأرسلوا إليها وفدا ، استقبله «السينات» الروماني ، وتمّ الاتفاق. لكن ذلك لم يردع ديمتريوس ، الذي أرسل حملة أخرى كبيرة بقيادة بكخيدس. وبعد صدامات غير حاسمة ، استطاع بكخيدس أخيرا أن يهزم يهودا المكابي ويقتله في المعركة (١٦٠ ق. م.). وهرب أخواه الباقيان ، يوناتان وشمعون ، إلى شرقي الأردن.
وفي سنة ١٥٣ ق. م. ، نصّب أعداء ديمتريوس ، ألكسندر بالاس ، ملكا على عرش السلوقيين. وفي الصراع بشأن الملك ، تسابق المتنافسان على تقديم الوعود السخية إلى يوناتان الحشموني فعاد هذا إلى أورشليم ، بناء على تفويض من ديمتريوس ، فسارع بالاس إلى تعيينه كاهنا أكبر وحاكما لمقاطعة يوديا ، وخلع عليه عباءة أرجوانية ، رمزا للكهانة الكبرى ، وتاجا ذهبيا دلالة على الحكم. وبذلك أصبح يوناتان ، بعد سبع سنوات من اللجوء في شرقي الأردن ، كاهنا أكبر في الهيكل ، وحاكما في مقاطعة يوديا ، معترفا به من قبل السلوقيين ، ويتمتع بتأييد روما. ومن هذا