الموقع ، استطاع يوناتان أن يستغل الأوضاع لمصلحته ، ويوسع سلطاته والأراضي الواقعة تحت حكمه. وظل الحشمونيون يمسكون بالكهانة الكبرى مدة ١١٥ عاما.
وبعد أن استتب الحكم ليوناتان في أورشليم ، استغل الصراعات الداخلية في دولة السلوقيين لتوسيع سلطانه وأراضيه. وبذلك دخل طرفا في المؤامرات بين المتنافسين على العرش ، ولقي حتفه غيلة على يد حليفه ، ترايفون ، وخلفه في الحكم أخوه شمعون آخر أبناء متتياهو الحشموني الخمسة. واقتفى هذا أثر سلفه في سياسته ، الداخلية والخارجية. وتحالف مع ديمتريوس الثاني ، الذي وافق على إعفائه من الضرائب المترتبة على مقاطعته. وبانغماس السلوقيين في صراعاتهم ، وسّع شمعون حكمه نحو الساحل ، فاحتل جيزر ، ومن ثمّ يافا ، وجعلها ميناءه على البحر. ثم احتل الحكرا في أورشليم. وبعد صدام محدود مع أنطيوخوس السابع (سيدتس) ، انتصر فيه شمعون ، كفّ السلوقيون عن التدخل في شؤونه ، ولو مرحليا فقط.
وسعى شمعون لتكريس موقعه حاكما لمقاطعة يوديا (إثنارك) ، وكاهنا أكبر ، وقائدا للجيش ، بإجماع ممثلي السكان (الجيروشيا) ، وبالتالي تثبيت الحكم في سلالته بالوراثة. وقد حصل على ذلك سنة ١٤٠ ق. م. ، فعيّن ابنه ، يوحنان هوركانوس حاكما على جيزر ، وسعى للتصالح مع معارضيه ، ومنهم تلمي بن حبوب (بطليموس) ، الذي كان معارضا للحشمونيين ، وحليفا للملك أنطيوخوس سيدتس ، فزوّجه أخته ، وعينه حاكما على أريحا. ولعل الأهم من ذلك ، أنه أرسل وفدا إلى روما ، يعقد معها تحالفا جديدا (١٣٩ ق. م.). فزوّده السينات الروماني برسالة إلى ملوك مصر وسورية وكابادوكيا وبريجيا وغيرها ، يحثهم فيها على عدم التعرض لشمعون ، أو إلحاق الأذى بيوديا. وبدا أن الأمر استتب لشمعون ، لكن الواقع كان عكس ذلك.
وإذ واجه شمعون مزيدا من المشكلات مع البلاط السلوقي وتقلب الأمور فيه ، واستطاع التغلب عليها ، بصورة أو بأخرى ، فإن الشرّ كان ينتظره في موقع آخر. فقد تآمر صهره تلمي بن حبوب مع الملك أنطيوخوس سيدتس على اغتيال شمعون وتولي حكمه. وفعلا استطاع هذا اغتيال شمعون ، وهو في ضيافته ، ومعه اثنان من أبنائه ، يهودا ومتتياهو سنة ١٣٤ ق. م. وأخذ زوجته رهينة. وأرسل سرا قتلة لاغتيال يوحنان هوركانوس ، الذي أخذ علما كما يبدو بالمؤامرة ، فاستبقها ، وقتل المبعوثين ، وأسرع إلى أورشليم لتولي الحكم فيها ، خلفا لوالده. وفشلت المؤامرة ، واستتب الحكم لهوركانوس ، واندلع الصراع مع تلمي ، الذي اضطر لاحقا إلى الهرب إلى شرقي الأردن.