لا تزال مفتوحة للمفاوضات وأن هنالك أنصارا كثيرين للقضية العربية في إنكلترا وفرنسا على استعداد للدفاع عن القضية العربية في أي وقت.» (١) وكان ذلك مؤشرا إلى الخط السياسي الذي مالت قيادة العمل الوطني الفلسطيني إلى سلوكه ـ المفاوضات مع بريطانيا لثنيها عن الانحياز إلى المشروع الصهيوني. ومع أن الوفد لم يحقق شيئا ملموسا في لندن ، فإنه امتنع من التحريض ضد بريطانيا ، ولم يدع إلى العنف في المؤتمر ، حيث تعالى الهتاف بحياة فلسطين العربية ، وسقوط الانتداب والصهيونية ووعد بلفور. وفي المقابل ، وعلى أرضية تجربته في لندن ، وإزاء المزاج العام في المؤتمر والبلاد عامة ، أوصى الوفد بإقامة تعاون أوثق بين فلسطين والبلاد العربية ، من خلال تطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية. كما اقترح إرسال وفود إلى بعض الشخصيات والحكام العرب ، لإبلاغهم عن الأوضاع في فلسطين ، وطلب دعمهم في مواجهة الظلم الذي يتعرض له شعبها. ففي لندن ، تحقق الوفد ، كما يبدو ، من حجم المؤامرة التي تتعرض لها فلسطين ، ومقدار التزام الحكومة البريطانية بالمشروع الصهيوني ، وبالتالي التعقيدات التي تواجه العمل الوطني الفلسطيني.
وتبنى المؤتمر ١٨ قرارا ، منها : إقامة مكتب في لندن ، إرسال وفود إلى الشرق وأميركا ، تشكيل جمعيات إسلامية ـ مسيحية في جميع أنحاء البلاد ، تأليف لجان تحكيم للفصل في الخلافات بين القوى الوطنية ، وضع كتاب في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ، إصدار طوابع وطنية ، تطبيق «مشروع القرشين» ، تبني النظام المالي الذي أقرته اللجنة التنفيذية للمؤتمر الرابع. كما قرر المؤتمر مقاطعة اليهود في البيع والشراء ، وعدم الاشتراك في مشروع روتنبرغ للكهرباء. إلّا إن أهم القرارات العملية كان رفض الدستور الذي أعلنه المندوب السامي ، وبالتالي مقاطعة الانتخابات للمجلس التشريعي الذي ينص عليه ذلك الدستور. وفي جلسته الأخيرة ، تبنى المؤتمرون ، تحت القسم ، «الميثاق الوطني الفلسطيني» ، ونصه :
نحن نواب الشعب العربي الفلسطيني في المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس المنعقد في نابلس نعاهد الله والتاريخ والأمة على أن نواصل السعي في سبيل استقلال بلدنا وتحقيق الوحدة العربية بالذرائع المشروعة القانونية ، وإنّا لا نرضى بالوطن القومي اليهودي والهجرة الصهيونية. (٢)
__________________
(٣٣) عبد الوهاب الكيالي ، «تاريخ فلسطين الحديث» (بيروت ، ١٩٧٠) ، ص ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٣٤) «القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني» ، مصدر سبق ذكره ، ص ٢١٩.