ثم أقسم رئيس المؤتمر وأعضاؤه على مقاطعة المجلس التشريعي الذي قررت الحكومة إنشاءه.
ومع أن اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الفلسطينية شجعت على إجراء إحصاء للسكان تمهيدا لانتخابات المجلس التشريعي ، بناء على قرار المندوب السامي (١٤ آب / أغسطس ١٩٢٢ م) ، إلّا إنها أصرّت على رفض المشاركة في الانتخابات بعد المؤتمر ، وصمدت في وجه الضغوط التي مورست عليها. وعندما تيقن المندوب السامي من فشل جهوده ، أعلن عن تعيين مجلس استشاري (أيار / مايو ١٩٢٣ م) ، بالنمط نفسه الذي شكّل فيه المجلس التشريعي ، ما لبث سبعة من أعضائه العرب أن استقالوا (حزيران / يونيو ١٩٢٣ م) ، وقبل أن يعقد جلسته الأولى ، وبذلك انهار المشروع. وتمسكت اللجنة التنفيذية بسياسة عدم التعاون مع حكومة الانتداب ، ورفضت عرضا تلقته في تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٣ م لتشكيل وكالة عربية كالوكالة اليهودية ، على ألّا تكون هيئة تشريعية ، بل محض استشارية ، يعينها المندوب السامي. وجاء هذا الرفض على قاعدة الالتزام بعدم التعامل مع حكومة الانتداب على أرضية وعد بلفور ، المتضمن في الدستور ، كما في صك الانتداب. وبناء عليه ، اتخذ المندوب السامي قرارا بتعطيل مواد الدستور المتعلقة بالمجلس التشريعي.
لقد توصلت الحركة الوطنية الفلسطينية إلى الاقتناع بأن سعيها للفصل بين الانتداب البريطاني والمشروع الصهيوني ، لن يكتب له النجاح. ونتيجة موازين القوى القائمة ، كانت ردة الفعل على التصلب البريطاني متفاوتة ، وراوحت بين اعتبار «بريطانيا أصل الداء ، وأساس كل بلاء» ، وبين النظر إلى الصهيونية على أنها الخطر الأساسي ، وبالتالي ضرورة التعامل مع بريطانيا بأساليب سلمية ، لحملها على العدول عن سياستها. واستغلت حكومة الانتداب هذا التباين في وجهات النظر داخل الحركة الوطنية الفلسطينية لتصديعها ، عبر الترهيب والترغيب والمناورة في استقبال الوفود وإقامة لجان التحقيق واتخاذ الإجراءات التكتيكية التي من شأنها تهدئة مخاوف السكان العرب من أخطار الصهيونية ، بما في ذلك تشديد القيود على الهجرة اليهودية. وقد نجحت هذه السياسة في استمالة اللجنة التنفيذية إلى فكرة إقامة حكومة تمثيلية ، الأمر الذي ضرب الإجماع الفلسطيني ، ولم يحقق النتائج المرجوة منه ، بسبب معارضة الوكالة اليهودية له ، ونجاحها في الحؤول دون تنفيذه ، انطلاقا من أن تشكيل هكذا حكومة ، نتيجة الأغلبية العربية الساحقة ، يفرغ الانتداب من مضمونه.
وفي تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٢ م ، سقطت حكومة لويد جورج ، وفقد تشرشل موقعه في الحكومة والبرلمان ، وحلّ محله في وزارة المستعمرات دوق ديفونشاير.