«الكف الأخضر» ، واستمر في القيام بغارات خاطفة مدة عام تقريبا.
واستمرت الاضطرابات حتى نهاية شهر آب / أغسطس ١٩٢٩ م ، ثم بدأت تجنح نحو الهدوء بصورة عامة ، وتمخضت عن مقتل ١٣٣ يهوديا وجرح ٣٣٩ ، واستشهاد ١١٦ عربيا وجرح ٢٣٢ ، معظمهم برصاص القوات البريطانية. ودمرت السلطات بعض القرى العربية مثل لفتة ودير ياسين. وقدمت للمحاكمة أكثر من ١٠٠٠ شخص ، بينهم ٩٠٠ عربي ، وأصدرت أحكاما بالإعدام على ٢٦ شخصا ، كلهم من العرب ما عدا واحد ـ شرطي يهودي قتل بسلاحه الحكومي أسرة عربية من ٧ أنفار. وأصرّت الحكومة على تنفيذ حكم الإعدام بثلاثة مناضلين ، هم : عطا الزير ومحمد جمجوم وفؤاد حجازي ، وتمّ ذلك في سجن عكا ، يوم الثلاثاء في ١٧ حزيران / يونيو ١٩٣٠ م ، اليوم الذي خلدهم فيه الشاعر إبراهيم طوقان بقصيدة «الثلاثاء الحمراء» ، لرباطة جأشهم في مواجهة حبل المشنقة. كما فرضت عقوبات صارمة على القرى التي شاركت في الهجوم على مستعمرتي موتسا وهرطوف ، وكذلك على مدينة الخليل. سارع المندوب السامي في العودة من إجازة كان يمضيها في لندن لدى اندلاع ثورة البراق. وأصدر بيانا عنيفا ، حمّل فيه العرب مسؤولية الأحداث ، واتهمهم بارتكاب المجازر ، ووصفهم بالمتعطشين للدماء. فأثار حملة من الاستنكار ، اضطرته إلى التراجع. وفي الواقع ، فإنه قبل اندلاع أعمال العنف ، جرى لقاء في بيت القائم بأعمال الحكومة ، هاري لوك ، حضره ثلاثة من الزعماء العرب ، ومثلهم من قيادة العمل الصهيوني ، وقرروا العمل على تهدئة الأوضاع. لكن زمام الأمور أفلت من أيديهم جميعا ، وخصوصا أن القيادة الصهيونية الأولى كانت لا تزال في زوريخ ، بعد المؤتمر السادس عشر ، والقيادات العربية فقدت السيطرة على الشارع.
وكان من نتائج ثورة البراق تنشيط النضال الفلسطيني ، بعد فترة من الركود. فعقد اجتماع موسع (٣ أيلول / سبتمبر ١٩٢٩ م) في يافا ، عقبه اجتماع للجنة التنفيذية ، التي تبنت قرارات يافا بمقاطعة الشركات والمنتوجات اليهودية ، بما فيها شركة الكهرباء ـ روتنبرغ ـ ورعاية الجرحى وأسر الشهداء والاهتمام بالموقوفين والدفاع عنهم. كما عقد المؤتمر النسائي الفلسطيني الأول (٢٦ تشرين الأول / أكتوبر ١٩٢٩ م) ، وحضره نحو ٣٠٠ سيدة ، وقررن تأييد المطالب الوطنية ، وتنشيط دور المرأة في النضال وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الأقطار العربية المجاورة. وعلى صعيد الوعي ، تعمق الفهم لطبيعة العلاقة العضوية بين الانتداب والمشروع الصهيوني ، كما كشفت الأحداث عقم النهج الذي تتبعه القيادة السياسية الفلسطينية لتحقيق الأهداف الوطنية. وفي الواقع ، تجاوزت الجماهير ذلك النهج ، ولم تتصرف وفقا لإرادة