«عبرانيين» على «إسرائيل» حدث متأخرا ، ومن قبل سكان المدن ، أي الآخرين ، وتبناه «بنو إسرائيل» للتعريف بأنفسهم إزاء هؤلاء الآخرين. وهكذا ، وبمرور الزمن ، انتحل جزء صغير من هذه الطبقة الواسعة اسمها العام ، بينما الأجزاء الأخرى تبنت أسماء مختلفة.
ويستفاد من التوراة أن منطقة ترحال إبراهيم وعائلته امتدت من شيكم في الشمال ، مرورا بمدينة بيت أيل والعيّ وسالم (أورشليم) وحبرون (الخليل) وبئر السبع في النقب. والترحال يحدده بلا شك موسم الرعي. ففي الشتاء كانوا ينزلون إلى المنخفضات ، وصولا إلى البادية والنقب ، أمّا في الصيف فيصعدون إلى الجبال والمروج ، ويتمددون شمالا حتى دوتان (بالقرب من جنين). وفي السنوات الماطرة كانوا يزرعون مجاري الأودية في النقب الشمالي قمحا وشعيرا ، كما فعل إسحاق في وادي جرار (وادي غزة). وفي سنوات المحل المتتالية ، وصلوا في تجوالهم إلى الدلتا الشرقية.
وفي تجواله بالبلاد ، كان إبراهيم يعرف باسم أبرام العبري ، دلالة على مهنة الرعي التي كان يتعاطاها ، ونمط الحياة الذي يعيشه ـ التنقل وعدم الاستقرار أو الارتباط بملكية الأرض. وهو يشعر أنه غريب في أرض ـ كنعان ـ جار ـ عبر اتفاق يعقده مع حاكم المدينة التي يضرب خيامه على أطرافها ، إلى حد أنه يشتري لنفسه قبرا بثمن كامل. وإسحاق يحاول أن يستقر ويتحوّل إلى الزراعة في وادي جرار (وادي غزة). أمّا يعقوب فيعمل بالرعاية ، ويشتبك مع أصحاب الأراضي التي يجول بقطعانه فيها ، ويحاول أخذ الأرض بالقوة ـ بالقوس والسيف ـ وذلك بالقرب من شيكم. ويعقوب هو إسرائيل ، الذي أسبغ اسمه على ذلك الجزء من العبرانيين الذي أصبح يعرف بكنية بني إسرائيل.
وبحسب الرواية التوراتية ، انقسم العبرانيون أيام إبراهيم إلى مجموعات إثنية ، أقامت في جنوب فلسطين وشرقي الأردن. وبعض هذه المجموعات ظل قريبا من بعضه ، مثل : أدوم وإسماعيل ومؤاب وعمون ، وبعضها ابتعد مثل : قيدم وعماليق وغيرهما. ويمكن الافتراض أنه في نهاية عصر الهكسوس في مصر ، ومع توسع المدن وازدياد قوتها ، ضاق مجال حركة القبائل ، ودفعت أكثر فأكثر إلى أطراف الأرض الآهلة. وفي تلك الأوضاع خرج يعقوب إلى مصر من منطقة بئر السبع. وكذلك ترك عيسو أرض ـ كنعان ، واستقر في سعير (أدوم). وهكذا فعل المؤابيون والعمونيون في الأراضي التي أصبحت لاحقا ممالك لهم.
وتصف التوراة هجرة العبرانيين إلى مصر ، وبقاءهم في أرض غوشن (الدلتا) ،