والأولى أن نرجع قبل كل شيء إلى نفس القرآن وموارد استعمال هذه المادة فيه ، حتى نستعين بالقرآن الكريم نفسه ، في رفع الابهام :
١. ( يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ ) ( المطففين ـ ٢٥ ) أي من الشراب الخالص الذي لا غش فيه ، تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسك ، أو مختوم بابه بشي مثل الشمع وغيره ، وذلك آية خلوصه.
٢. ( خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ ) ( المطففين ـ ٢٦ ) مقطعه رائحة مسك إذا شرب.
٣. ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلَىٰ قَلْبِكَ ) ( الشوري ـ ٢٤ ).
٤. ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ ) ( يس ـ ٦٥ ) أي طبع على أفواههم فتوصّد أفواههم وتتكلم أيديهم.
٥. ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ ) ( الجاثية ـ ٢٣ ).
٦. ( خَتَمَ اللهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ) ( البقرة ـ ٧ ).
٧. ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِهِ ) ( الأنعام ـ ٤٦ ).
فإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله أنّه لا يؤمن ، يطبع الله على قلبه كما يطبع على الشيء بالشمع والطين فيصير قلبه كالمختوم عليه ، لا يدخله شيء ، ولا يخرج منه شيء ، فلا يدخله الإيمان ولا يخرج منه الكفر.
فالختم على الشيء ، بمعنى الطبع عليه كناية عن ختم أمره ، فالختم على القلب يلازم انتهاء أمره وامتلاءه بالكفر والالحاد فلم يبق فيه موضع لنور الحق وكلماته ، كما أنّ ختم الورقة وطبعها بالطابع علامة أنّ الكاتب بلغ ما أراد من كتابته فيها ، وانتهى غرضه