العبادة ، أو خذوا ما تسترون به عوراتكم حالها ، وعلى أي تقدير فهذا الحكم لا يختص بالاُمّة الإسلامية بل يعم الاُمم جمعاء.
٤. ( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( الأعراف ـ ٣٥ ) ثم إنّه سبحانه في الآية السادسة والثلاثين والسابعة والثلاثين توعّد من كذّب بآياته واستكبر عنها ومن افترى على الله كذباً ، وقال سبحانه : ( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ).
وبعد ذلك ختم القصة مع ما استنتج منها لابناء آدم من عظات وعبر.
وأنت إذا احطت خبراً بهذه الآيات ، صدرها وذيلها وهدفها ومرماها ، لوقفت على أنّ الخطاب الأخير الحاكي عن بعث الرسل إلى بني آدم ليس انشاء خطاب في عهد الرسالة حتى ينافي صريح قوله الآخر : ( وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) بل هي حكاية لاحدى الخطابات التي ألقاها الله في بدء الخلقة ، عندما أخرج الشيطان أبانا من الجنة وأهبطه إلى الأرض ، وتعلقت مشيئته سبحانه بأن يستقر هو وأبناؤه في الأرض إلى حين ، فخاطب سبحانه أبناء آدم بلسان النصح وقال : ( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ... ) فصدّق الخبر الخبر وجاءت الرسل تترى ، مبشّرين ومنذرين ، تالين على بني آدم آيات الله.
وممّا يؤيد ما ذكرنا ( أنّ قوله سبحانه : ( يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ... ) حكاية للخطاب الذي ألقاه سبحانه في بدء الخلقة ، لا انشاء خطاب في عهد القرآن ) إنّ الله سبحانه حيث ما يذكر في موضع آخر من القرآن قصّة آدم على وجه التفصيل ، يذيّلها بمضمون هذه الآية وما بعدها من الآيتين (١) كما في سورتي البقرة وطه ، فإنّ
__________________
(١) الآية السادسة والثلاثون والسابعة والثلاثون.