ويعترف بحقها في أمان من عذاب الله ، وفي منجى من مؤاخذته ، بشرط أن يكونوا مؤمنين بالله وباليوم الآخر ، وأن يقدموا على ربّهم بعمل صالح ويكون نتيجة ذلك أنّ فكرة نسخ الإسلام للشرائع ادعاء فارغ لا أساس له ولا واقع ما دام الإسلام يعتبر أنّ كل الطرق تؤدي إلى الله ، وانّه ليس من الضروري على أصحاب الشرائع الاُخرى أن يعتزلوا شرائعهم ، وينضمّوا إلى صفوف الإسلام والمسلمين.
هذا هو ما نسمعه بين الحين والآخر من بعض الأفواه.
غير أنّه يجب أن نعرف أوّلاً : أنّ الأساس السليم في تفسير آية ما ، ليس هو أن نتجاهل أخواتها من الآيات أوّلاً ، وملابسات النزول ثانياً ، ومقتضى السياق القرآني ثالثاً ، لأنّنا في هذه الحالة سنقع في تخبط عريض لا أوّل له ولا آخر.
ثم إنّ علينا ـ قبل كل شيء ـ أن نلاحظ سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مع أصحاب الشرائع هل كان يأمرهم بالاعتزال عن دياناتهم ، والانضمام إلى صفوف المسلمين أو لا ؟ فإذا كان الجواب في المقام ايجابياً لكان ذلك الأمر قرينة على أنّ المقصود من الآيات المذكورة غير ما يتبادر منها في بدء الأمر.
وبعبارة واضحة : إذا كان الإسلام يعترف بشرعية الشرائع وحقها في الاستمرار والبقاء حتى بعد ظهور الإسلام ، فإنّ معنى ذلك هو أنّ الإسلام ينسف بنفسه مقوّمات وجوده ويعطل من ناحية اُخرى كل الاُسس الوجيهة التي قامت عليها دعوة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم قادة العالم آنذاك إلى شريعته ضمن رسائله ومكاتيبه المشهورة ، ويفند بالتالي دعوى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّه ( آخر الأنبياء وخاتم المرسلين ) وأنّ رسالته خاتمة الرسالات !!!
إنّ الرسائل الهامة التي وجهها الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قادة وملوك زمانه وأيضاً جهاده المرير وجهاد المسلمين ضد أهل الكتاب سواء في عهده أو بعد ذلك ، مضافاً إلى مجموع ما وصل إلينا من تصريحات قادة الإسلام لدليل صارخ على أنّ الإسلام أعلن بظهوره ( نهاية ) عهد الشرائع بأسرها و ( بداية ) عهد جديد لا شريعة له سوى ( الإسلام ) ولا نبي له سوى ( محمد ) صلىاللهعليهوآلهوسلم.