٣. الدفاع عن بيضة الإسلام وحفظ استقلاله وصيانة حدوده من الأعداء ، قانون ثابت لا يتغير ، فالمقصد الأسنى لمشرع الإسلام ، إنّما هو صيانة سيادته عن خطر أعدائه وأضرارهم ولأجل ذلك أوجب عليهم تحصيل قوّة ضاربة ضد الأعداء ، واعداد جيش عارم جرار تجاه الأعداء كما يقول سبحانه : ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة ) ( الأنفال ـ ٦٠ ) فهذا هو الأصل الثابت في الإسلام الذي يؤيده العقل والفطرة أمّا كيفية الدفاع وتكتيكه ونوع السلاح ، أو لزوم الخدمة العسكرية وعدمه ، فكلّها موكولة إلى مقتضيات الزمان ، تتغير بتغيره ، ولكن في إطار القوانين العامة فليس هناك في الإسلام أصل ثابت ، حتى مسألة لزوم التجنيد العمومي ، الذي أصبح من الاُمور الأصلية في غالب البلاد.
وما نرى في الكتب الفقهية من تبويب باب ، أو وضع كتاب خاص ، لأحكام السبق والرماية ، وغيرها من أنواع الفروسية التي كانت متعارفة في الأزمنة الغابرة ونقل أحاديث في ذلك الباب ، عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمّة الإسلام ، فليست أحكامها أصلية ثابتة في الإسلام ، دعا إليها الشارع بصورة أساسية ثابتة ، بل كانت هي نوع تطبيق لذلك الحكم الغرض منه ، تحصيل القوّة الكافية ، تّجاه العدو في تلكم العصور وأمّا الأحكام التي ينبغي أن تطبق في العصر الحاضر ، فانّه تفرضها مقتضيات العصر نفسه (١).
فعلى الحاكم الإسلامي تقوية جيشه وقواته المسلحة بالطرق التي يقدر معها على صيانة الإسلام ومعتنقيه عن الخطر ويصد كل مؤامرة عليه من جانب الأعداء حسب
__________________
(١) قال المحقق في الشرائع ص ١٥٢ وفائدة السبق والرماية : بعث النفس على الاستعداد للقتال والهداية لممارسة النضال وهي معاملة صحيحة. وقال الشهيد الثاني في المسالك في شرح عبارة المحقق : لا خلاف بين المسلمين في شرعية هذا العقد ، بل أمر به النبي في عدة مواطن لما فيه من الفائدة المذكورة وهي من أهم الفوائد الدينية لما يحصل بها من غلبة العدد في الجهاد لأعداء الله تعالى ، الذي هو أعظم أركان الإسلام ولهذه الفائدة يخرج عن اللهو واللعب المنهى عن المعاملة عليهما.
فإذا كانت الغاية من تشريعهما الاستعداد للقتال والتدرب للجهاد ، فلا يفرق عندئذ بين الدارج في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيره أخذاً بالملاك المتيقن.