إمكانيات الوقت.
والمقنّن الذي يتوخّى ثبات قانونه ودوامه وسيادة نظامه الذي جاء به ، لا يجب عليه التعرض إلى تفاصيل الاُمور وجزئياتها ، بل الذي يجب عليه هو وضع الكليات والاُصول ليساير قانونه جميع الأزمنة بأشكالها وصورها المختلفة ، ولو سلك غير هذا السبيل لصار حظه من البقاء قليلاً جداً.
٤. نشر العلم والثقافة ، واستكمال المعارف التي تضمن سيادة المجتمع مادياً ومعنوياً يعتبر من الفرائض الإسلامية ، أمّا تحقيق ذلك وتعيين نوعه ونوع وسائله فلا يتحدد بحد خاص ، بل يوكل إلى نظر الحاكم الإسلامي ، واللجان المقررة لذلك من جانبه حسب الامكانيات الراهنة في ضوء القوانين الثابتة.
وبالجملة : فقد ألزم الإسلام ، رعاة المسلمين ، وولاة الأمر نشر العلم بين أبناء الانسان واجتثاث مادة الجهل من بينهم ومكافحة أي لون من الاُمّية ، وأمّا نوع العلم وخصوصياته ، فكل ذلك موكول إلى نظر الحاكم الإسلامي وهو أعلم بحوائج عصره.
فرب ، علم لم يكن لازماً ، لعدم الحاجة إليه ، في العصور السابقة ، ولكنّه أصبح اليوم في الرعيل الأوّل من العلوم اللازمة التي فيها صلاح المجتمع كالاقتصاد والسياسة.
٥. حفظ النظام وتأمين السبل والطرق ، وتنظيم الاُمور الداخلية ورفع مستوى الاقتصاد و ... من الضروريات ، فيتبع فيه وأمثاله مقتضيات الظروف وليس فيه للإسلام حكم خاص يتبع ، بل الذي يتوخّاه الإسلام هو الوصول إلى هذه الغايات ، وتحقيقها بالوسائل الممكنة ، دون تحديد وتعيين لنوع هذه الوسائل وإنّما ذلك متروك إلى امكانيات الزمان الذي يعيش فيه البشر ، وكلّها في ضوء القوانين العامة.
٦. قد جاء الإسلام بأصل ثابت في مجال الأموال وهو قوله سبحانه : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) وقد فرّع الفقهاء على هذا الأصل شرطاً في صحة عقد البيع أو المعاملة فقالوا : يشترط في صحة المعاملة وجود فائدة مشروعة وإلاّ فلا تصح المعاملة ومن هنا حرّموا بيع ( الدم ) وشراءه.