قال العلاّمة الحجة الشيخ محمد حسين الاصفهاني : إنّ القضايا المشهورة على أقسام :
منها ما فيه مصلحة عامة : كالعدل حسن ، والجور قبيح ، وعبّر عنها بالتأديبات الصلاحية.
منها : ما ينبعث عن الأخلاق الفاضلة كالحكم بقبح كشف العورة لانبعاثه عن الحياء وهو خلق فاضل.
منها : ما ينبعث عن رقة أو حمية أو أنفة أو غير ذلك واستلزام الحسن والقبح عقلاً للحكم الشرعي بالمعنى المتقدم في ما كان منشأه المصالح العمومية واضح لأنّ الشارع يرعى المصالح العمومية وكذا ما ينبعث عن الأخلاق الفاضلة لأنّ المفروض أنّها ملكات فاضلة ، والمفروض انبعاث الحكم بالحسن والقبح عنها وأمّا ما ينبعث عن انفعالات طبيعية من رقة أو حمية أو أنفة أو غير ذلك فلا موجب لاشتراك الشارع مع العقلاء.
ولذا ترى الشارع ربّما يحكم لحكمة ومصلحة خاصة بما لا يلائم الرقة البشرية كالحكم بجلد الزاني والزانية غير ذات البعل مع كمال التراضي (١).
وللشيخ الرئيس في اشارته كلام يوقفنا على أقسام الادراكات العقلية فراجع الاشارات وشرحها للحكيم الطوسي (٢).
فإذا توفرت في الحكم العقلي هذه الشرائط وكان حكمه منبعثاً عن الجانب العقلي المحض ، غير متأثر عن الجوانب اللاشعورية ، والغرائز الحيوانية والعواطف الانسانية ، وتجنب عن الأساليب الممنوعة وحكم من صميم التدبّر والتفكّر بحكم بات ، يصير حجة بين الله وعبده ، وحينئد يجب السير والسلوك على مقتضى حكمه وتنفيذ ما يقضي به تأسيساً أو تحديداً لاطلاق حكم شرعي أو تخصيصاً لعمومه ويصير عند ذاك أحد
__________________
(١) نهاية الدراية ج ٢ ص ١٣٠.
(٢) الاشارات ج ١ ص ٢٢٠ ط طهران.