والأجيال ، وهذه الثروة العلمية ، التي اختصت بها الاُمّة الإسلامية من بين سائر الاُمم ، أغنت الشريعة الإسلامية عن التمسّك بكل تشريع سواها.
وقد تضافرت الروايات على أنّ جميع ما يحتاج الناس إليه قد جاءت فيه آية محكمة أو سنّة متّبعة.
أخرج الكليني باسناده عن عمر بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام قال سمعته يقول : إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الاُمّة إلاّ أنزله في كتابه وبيّنه لرسوله وجعل لكل شيء حداً ، وجعل عليه دليلاً يدل عليه ، وجعل على من تعدى ذلك الحد حداً.
روي باسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام قال سمعته يقول : ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة.
اُخرج عن سماعة عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال : قلت له : أكلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيّه ، أو تقولون فيه ؟ قال : بل كلّ شيء في كتاب الله وسنّة نبيه (١).
وهذا العلاّمة الحلي ، أحد فقهاء الإمامة في القرن الثامن ، قد ألّف عشرات الكتب في الفقه واُصوله ، منها « تحرير الأحكام الشرعية » وقد حوى من الأحكام والقوانين ما يربو على أربعين ألف مسألة ، استنبطها من هذه الاُصول الواردة في القرآن والسنّة النبوية ، والأحاديث المأثورة عن أئمّة الدين ، رتبها على ترتيب كتب الفقه في أربع قواعد : العبادات ، والمعاملات ، والايقاعات ، والأحكام (٢).
وجاء من بعده من الفقهاء والمجتهدين ، فبحثوا عن موضوعات وأحكام ، لم تكن لعصره بها صلة ، فاستخرجوا ما لها من الحكم الشرعي ، من تلكم الاُصول والقواعد بوضوح وانطلاق ، ولم يجدوا التشريع الإسلامي عاجزاً في هذه المجالات.
__________________
(١) راجع الكافي « باب الرد إلى الكتاب والسنّة » ج ١ ص ٥٩ ـ ٦٢ ، تجد فيه أحاديث تصرح بما ذكر ، والمراد منها اُصول الأحكام وجذورها لا فروعها وجزئياتها.
(٢) راجع الذريعة ج ٤ ص ٣٧٨.