على وجود الاجتهاد بهذا المعنى في أعصارهم فعدة روايات هي :
١. ما رواه ابن ادريس في « مستطرقات السرائر » نقلاً عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّما علينا أن نلقي إليكم الاُصول وعليكم أن تفرّعوا (١).
٢. ما روى عن كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليهالسلام : « قال علينا القاء الاُصول وعليكم التفريع » (٢) فإنّ التفريع الذي هو استخراج الفروع عن الاُصول الكلية الملقاة ، وتطبيقها على مواردها وصغرياتها ، إنّما هو شأن المجتهد وما هو إلاّ الاجتهاد ، نعم التفريع والاجتهاد يتفاوت صعوبة كما يتفاوت نطاقه حسب مرور الزمان ، فإذا قال عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشك ، أو روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ضرر ولا ضرار ، كان على المخاطبين وعلى علماء الأعصار المستقبلة استفراغ الوسع في تشخيص صغرياتها وما يصلح أن يكون مصداقاً له أو لا يصلح ، فهذا هو ما نسميه الاجتهاد.
٣. ما رواه الصدوق في معاني الأخبار عن داود بن فرقد ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا إنّ الحكمة لتصرف على وجوه ولو شاء انسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب (٣).
فإنّ عرفان معاني الكلام ليس إلاّ تشخيص ما هو الأظهر بين المحتملات ، بالفحص عن القرائن الحافّة بالكلام وبعرض أخبارهم على الكتاب والسنّة إلى غير ذلك ممّا يتضح به المراد ، ويتعيّن ما هو المفاد ، وليس هذا إلاّ الاجتهاد.
٤. ما رواه الصدوق في عيونه بإسناده عن الرضا عليهالسلام قال : من رد متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم ، ثم قال : إنّ في أخبارنا محكماً كمحكم القرآن ومتشابهاً كمتشابه القرآن فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا (٤) فإنّ رد المتشابه إلى محكمه يجعل أحدهما قرينة على الآخر ، لا يتحقق
__________________
(١ و ٢) وسائل الشيعة ج ١٨ : ص ٤١ ـ ٤٢ ، كتاب القضاء الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥١ و ٥٢.
(٣ و ٤) الوسائل ج ١٨ كتاب القضاء الباب التاسع من أبواب صفات القاضي الحديث ٢٧ و ٢٢.