المؤدية إلى حق التصرف المطلق في كل ما يراه ذا مصلحة للاُمّة ، لأنّه يتمتع بمثل ما يتمتع به النبي والإمام من النفوذ المطلق ، إلاّ ما يعد من خصائصهما.
وإلى ذلك يشير شيخ الاُمّة الميرزا النائيني في أثره الخالد « تنبيه الاُمّة وتنزيه الملة » ويقول : « فوّض إلى الحاكم الإسلامي وضع ما يراه لازماً من المقررات لمصلحة الجماعة وسد احتياجاتها ، في اطار القوانين الإسلامية » (١).
مثلاً إذا رأى الحاكم ، أنّ المصلحة تقتضي فتح طريق أو شارع ، فقد فوض إليه ذلك الأمر ، فله أن يقرر وينفذ ما يحقق هذه الغاية ، في ضوء العدل والانصاف كاجبار أصحاب الأراضي التي يمر بها الطريق على بيع أراضيهم ووضع ضريبة على صنف خاص من الشعب ، أو كلّه لتأمين هذه الغاية.
وله أن يقرر ما يراه مناسباً لتنظيم السير ، متوخياً في ذلك سلامة النفوس وسهولة الذهاب والاياب ، كل ذلك في إطار القوانين العامة الإسلامية.
وهذه الحقوق كانت ثابتة في الدرجة الاُولى ، للنبي الأعظم ، لقوله تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) ( الأحزاب ـ ٦ ) وبعده لخلفائه المعصومين ، أئمّة الدين ، وفوضت من بعدهم ، إلى علماء الاُمّة وفقهائهم الذين اُلقيت على كواهلهم اُمور تدبير حياة الاُمّة ، وصيانة الشريعة ، بالأدلّة القطعية المقررة في محلها.
إنّ الحاكم الإسلامي إذا نجح في تأسيس حكومة إسلامية في قطر من أقطار الإسلام أو في مناطقه كلّها وتوفرت فيه الشرائط والصلاحيات اللازمة وأخص بالذكر العلم الوسيع والعدل ، يجب على المسلمين اطاعته ، وله من الحقوق والمناصب والولاية ، ما للنبي الأكرم من اعداد القوات العسكرية ودعمها بالتجنيد وتعيين الولاة وأخذ
__________________
(١) تنبيه الاُمّة وتنزيه الملة ص ٩٧ ولا ينافي ما ذكره شيخ الاُمّة المحقق النائيني مع ما حققناه في الجزء الأول من كون التقنين والتشريع مختصاً بالله سبحانه ، فإنّ ما يضعه الحاكم الإسلامي ، أو مجلس الشورى إنّما هو من قبيل التخطيط ، وتطبيق الكليات على مواردها لا من قبيل التشريع والتأسيس.