والبيوت ، وشكل خاص في المأكل والملبس ، ونمط خاص لبث العلم والتربية ... غير أنّ الذي كان يهم الإسلام ـ في جميع الأزمنة ـ لم يكن تخطيط الحياة البشرية على تلك الأشكال والأنماط بل كان الحقيقة والجوهر من كل ذلك ، فإنّ الذي يبتغيه الدين الإسلامي هو وجود المسكن وتوفر الملبس وإشاعة العلم والتربية ، وكون الغذاء حلالاً طيباً طاهراً.
وأمّا الكيفية والشكل والصورة فلا يهم الدين ولا يحدد شيئاً في مجاله ، فليكن البيت بأيّة هندسة كانت ، ولتصنع الملابس بأي شكل كان ، وليطبخ الناس طعامهم على النحو الذي يريدون ، وليشاع العلم بأيّة وسيلة كانت فليس كل ذلك مهماً ومطروحاً للدين.
وهذا هو سر خاتمية الدين الإسلامي وهذا هو سر خلوده ، وتمشّيه مع تطور الحياة ، وتقدم الحضارات.
والذي يوقفك على ذلك أنّ بيع الدم وشراءه كان من المعاملات المحرّمة ومصداقاً لقوله سبحانه :
( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ ) ( البقرة ـ ١٨٨ ).
وذلك لعدم وجود منفعة محلّلة للدم ولذلك قال الشيخ الأعظم الأنصاري في مكاسبه ( ص ٤١ ) :
« تحرم المعاوضة على الدم بلا خلاف » بل عن النهاية وشرح القواعد لفخر الدين والتنقيح : « الاجماع عليه ، وتدل عليه الأخبار ».
بيد أنّ تقدم العلوم والحضارة أوجد للدم منفعة محلّلة كبيرة ، فعليها تقوم « العملية الجراحية » ومداوة الجرحى عن طريق الحقن الدموية.
ولهذا عادت المعاملة بالدم ـ في هذا العصر ـ معاملة صحيحة ، لا بأس بصحّتها وجوازها ... وليس هذا من قبيل منسوخية الحكم بل لتبدّل الحكم بتبدّل موضوعه كتبدل الخمر إلى الخل.