أنّ اُم القرى مفهوم كلي يصح اطلاقه على أية بلدة تتصل بها قرى كثيرة بالتبعية ، وهذه القرى تعمتد عليها في اُمور حياتها ، ويعاضد ما ذكرناه ( كون اُم القرى كلياً ) قوله عزّ وجلّ : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً ) ( القصص ـ ٥٩ ) فالآية ( بحكم رجوع الضمير في اُمها إلى القرى ) صريحة في أنّها ليست علماً لموضع خاص ، لأنّ مشيئته تعم الاُمم في هذا الأمر ( أهلاك الاُمم وإبادتهم بعد انذارهم ببعث الرسل ) ولا تختص باُمّة دون اُخرى ، أو نقطة دون نقطة ، وعلى هذا ، فمفاد الآية أنّ الله سبحانه يمهل أهل القرى من دون فرق بين قرية وقرية ، حتى يبعث في مركزها الذي هو مركز الثقل بالنسبة إليها ، والمجتمع لأكثر الناس ، وملتقى أفكارهم ، رسولاً يبشرّهم وينذرهم ، فإذا ضربوا عنه صفحاً وهجروا مناهجه ، يبيدهم ويهلكهم بألوان العذاب وهذه مشيئة الله وعادته في الاُمم السالفة البائدة جميعاً ، مكية كانت أم غيرها.
وثناياً : لو صح كونه من أعلام مكة فالصحيح عند النسبة إليها هو القروي لا الاُمّي ، هذا ابن مالك يقول في ألفيته :
وانسب لصدر جملة وصدر ما |
|
ركب مزجا ولثان تتما |
اضافة مبدوة بابن وأب |
|
أو ما له التعريف بالثاني وجب |
فيما سوى هذا انسبن للأول |
|
مالم يخف للبس كعبد الأشهل |
قال ابن عقيل في شرحه : إذا نسب إلى الإسم المركب فإن كان مركباً تركيب جملة أو تركيب مزج ، حذف عجزه واُلحق صدره ياء النسب فتقول في تأبّط شراً : تأبطي ، وفي بعلبك : بعلي ، وإن كان مركب إضافة ، فإن كان صدره ابناً أو أباً أو كان معروفاً بعجزه ، حذف صدره واُلحق عجزه ياء النسبة ، فنقول في ابن الزبير : زبيري ، وفي أبي بكر : بكري ، وفي غلام زيد : زيدي ، وإن لم يكن كذلك ... (١).
والاقتصار على الابن والأب من باب المثال والحكم يعم الاُم والابنة والأخ
__________________
(١) شرح ابن عقيل ج ٢ ، ص ٣٩١.