عيسى (١) عن محمد البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا عليهالسلام فقلت : يا بن رسول الله لم سمّي النبي الاُمّي ؟ فقال : ما يقول الناس ؟ قلت : يزعمون أنّه سمّي الاُمّي لأنّه لا يحسن أن يكتب ، فقال : كذبوا عليهم لعنة الله في ذلك ، والله يقول في محكم كتابه : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ ) فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن ، والله لقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو قال : بثلاثة وسبعين لساناً وإنّما سمّي الاُمّي لأنّه كان من أهل مكة ، ومكة من اُمّهات القرى وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) ( الأنعام ـ ٩٢ ) (٢).
وأخرج الشيخ الأقدم محمد بن الحسن الصفار المتوفّى عام ٢٩٠ في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد البرقي عن جعفر بن محمد الصوفي مثله.
ونقله الشيخ المفيد معلّم الاُمّة في « اختصاصه » بهذا السند أيضاً.
والحديث على كل تقدير ينتهي إلى محمد البرقي وهو مختلف فيه جداً لاستناده إلى المراسيل والضعاف ، وهو يروي عن جعفر بن محمد الصوفي الذي أهمله أصحاب المعاجم فالحديث ساقط عن الحجية.
أضف إليه ما في متنه من الشذوذ ، وفيه جهات من النظر :
أوّلاً : قوله إنّ النبي يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لساناً ، يعطي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان مشغولاً بقراءتها والكتابة بها في عامة حياته أو رسالته فقط ، وحمله على الإمكان والتعليق وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان قادراً عليهما باثنين وسبعين لساناً لو شاء وأراد ، ولكنّه لم يشأ ويقرأ ولم يكتب بها أصلاً ، خلاف الظاهر ، وعلى ما استظهرناه فالرواية تخالف ماهو المتواتر من حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ، ثقة جليل.
(٢) علل الشرائع ص ٥٣ ، ومعاني الأخبار ص ٢٠.