أن يكتب (١).
٢. قال الحلبي : تمسك بعضهم بظاهر الحديث وقال : إنّ النبي كتب بيده يوم الحديبية معجزة له ، مع أنّه لا يقرأ ولا يكتب وجرى على ذلك أبو الوليد الباجي المالكي فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه وقالوا : هذا مخالف للقرآن.
ـ إلى أن قال ـ : والجمهور على أنّ الروايات التي فيها « أنّه أخذ الكتاب بيده فكتب » محمول على المجاز أي أمر أن يكتب الكاتب (٢).
أقول : إنّ لفظة « بيده » ليست في نسخ صحيح البخاري ونص على ذلك الحلبي أيضاً وقوله : « ليس يحسن أن يكتب » الوارد في صحيحه وغيره من المصادر الأصلية (٣) دال على ما نرتئيه في هذا المقال.
نعم رواه البخاري في كتاب الصلح بصورة اُخرى قال : « فلمّا كتبوا الكتاب كتبوا : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : لا نقرّ بها فلو نعلم أنّك رسول الله ما منعناك ـ إلى أن قال ـ : ثم قال لعلي : امح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا والله لا أمحوك أبداً ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الكتاب فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله لا يدخل مكة سلاح إلاّ في القراب » (٤).
إنّ تلك الواقعة قد رويت بصورتين اُخريين ، رواهما أعلام السير والتاريخ.
الاُولى : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر علياً أن يمحو لفظ « رسول الله » فامتنع علي من محوه فقال رسول الله : أرنيه ، فأراه علي ، فمحاه بيده الشريفة ، ثم أمر علياً أن يكتب ودونك لفظ الرواية : أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علياً أن يكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) فتح الباري ج ٩ ص ٤٥.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٤ وسيرة زينى دحلان في هامش السيرة ج ٢ ص ٢١٤ ولكن اللفظ للأخير.
(٣) راجع الأموال ص ١٥٨ ونقله عن المجلسي في بحاره ج ٢٠ ص ٣٧١.
(٤) صحيح البخاري ج ٣ ص ١٨٥ فحذف قوله وليس يحسن يكتب.