وسهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب (١) وقريب منه ما رواه البخاري نفسه في موضع آخر (٢) واليعقوبي في تاريخه (٣) والواقدي في مغازيه (٤) وابن هشام في سيرته (٥) وغيرهم من أساطين التاريخ والحديث (٦) ويقرب منه ما رواه الكليني في روضته حيث قال : قال رسول الله لعلي : اكتب : هذا ما قاضى رسول الله وسهيل بن عمرو ، فقال سهيل : فعلى مَ نقاتلك يا محمد ؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ، فقال له الناس أنت رسول الله ، قال : اكتب فكتب : هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ، فقال له الناس : أنت رسول الله (٧).
فبعد هذا الاتفاق والاصفاق من أعلام التاريخ والحديث والتفسير على أنّ الكتاب كتبه علي باملاء من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أوّله إلى آخره فهل يصح الركون إلى ما تفرد به البخاري وأحمد واعتمد عليهما الجزري في كامله ، مع أنّ البخاري نقض ما نقله في باب « عمرة القضاء » في كتاب الصلح على ما عرّفناك.
على أنّ التضارب الصريح الذي نشاهده في نقل البخاري في المقام يمنع النفس عن الركون إليه ، فقد اضطرب نقله وكلامه من وجوه :
١. تراه أنّه نقل القصة في موضع هكذا « أخذ رسول الله الكتاب وليس يحسن يكتب ، فكتب هذا ما قاضى محمد بن عبد الله » (٨) ، وفي الوقت نفسه ساقها في موضع آخر من كتابه بنفس اللفظ السابق ، ولكنه حذف قوله : « وليس يحسن يكتب » (٩).
٢. تراه أنّه يصرح بأنّ النبي أمحا لقبه بإراءة علي عليهالسلام حيث يقول : فقال لعلي : امحه ، فقال علي عليهالسلام لا أمحاه أبداً ، قال : فأرينه ؟ قال : فأراه إيّاه فمحاه النبي بيده (١٠).
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٨١.
(٢) صحيح البخاري كتاب الصلح ج ٣ ص ١٩٥.
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٤٥.
(٤) المغازي ج ٢ ص ٦١٠.
(٥) السيرة ج ٢ ص ٣١٧.
(٦) راجع صحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٤.
(٧) روضة الكافي ص ٣٢٦.
(٨) صحيح البخاري ج ٥ ص ١٤١.
(٩) نفس المصدر ج ٣ ص ١٨٥.
(١٠) صحيح البخاري ج ٤ ص ١٠٤.