اُمّيته صلىاللهعليهوآلهوسلم وتبعهم بعض المستغربة في الشرق ، الذين يتطفّلون على موائد الغربيين في كل شيء ، حتى فيما يرجع إلى الإسلام والمسلمين ، والشرق والشرقي ، غير واقفين على نواياهم وما تكنه صدورهم وضمائرهم ، من القضاء على الإسلام والمسلمين ، والحقد والعداء للنبي الأعظم ورسالته ، وما يستهدفون من بث هذه التشكيكات والمغالطات ، التي لها طابع التحقيق ، حول الرسول الأكرم واُمّيته.
وفي الوقت نفسه ، لا مصدر لهم في انكار اُمّيته إلاّ مراسيل عن مجاهيل ، أو انتحالات أعداء الدين ، نظراء ابن أبي العوجاء و ... كل ذلك لبثّ الريب في قلوب البسطاء من المسلمين بالنسبة إلى رسالته ، ودينه ، وكتابه ، حتى يتخذوا ذلك ذريعة لانكار رسالته الالهية واتصاله بالعوالم الروحية حتى يصوّروا لهم ، أنّ النبي كان قارئاً وكاتباً وأنّ ما جاء به من المعارف والأحكام هي انتاج عبقريته الفذة وشخصيته اللامعة ، وسبره في الكتب وغوره فيها ، شأن كل باحث متتبع.
غير أنّ جهلهم أو تجاهلهم الحقيقة ودعاياتهم الواسعة لا يؤثر شيئاً في قلوب المثقفين من الاُمّة ، كيف وقد تسالمت عليها الاُمّة منذ ألف وقرون لم ينبس أحد ببنت شفة على خلافه ، حتى جعل صاحب المنار وغيره « اُمّية » النبي أحد وجوه اعجاز القرآن وقالوا : إنّ الضمير في قوله سبحانه : ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ ) يعود إلى ـ المبلغ ـ بكسر اللام أي الرسول نفسه لا إلى القرآن ، وقال في تفسير الآية : « فإن خفي عليكم الحق بذاته فهذه آية من أظهر آياته ، وهي عجزكم عن الإتيان بسورة من مثل سور القرآن ، من رجل اُمّي مثل الذي جاءكم به ، وهو عبدنا ورسولنا محمد وإن عجزتم عن الاتيان بسورة من مثله ، تساوي سورة في هدايتها وتضارعها في اسلوبها وبلاغتها ، وأنتم فرسان البلاغة وعصركم أرقى عصور الفصاحة فاعلموا ما جاء به ، بعد أربعين سنة فأعجزكم بعد سبقكم لم يكن إلاّ بوحي إلهي وامداد سماوي » (١).
وما ذكره من رجوع الضمير إلى النبي وإن كان خلاف ظاهر الآية ، خصوصاً في
__________________
(١) المنار ج ١ ص ١٩١.