الحاسة ، وعما يغيب عن علم الانسان بمعنى الغائب قال تعالء : ( وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ويقال : للشيء غيب وغائب باعتباره بالناس لا بالله تعالى فإنّه لا يغيب عنه شيء كما لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وقوله : ( عَالمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه والغيب في : ( يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول وإنّما يعلم بخبر الأنبياء عليهمالسلام (١).
توضيحه : أنّ الغيب يقابل الشهود ، فما غاب عن حواسّنا وخرج عن حدودها ، فهو غيب ، سواء أكان أمراً مادياً ، قابلاً للإدارك بالحواس ، كالحوادث الواقعة في غابر الزمان ، والمتكوّنة حالياً ، الغائبة عن حواس المخبر ، أو بعد لاي من الدهر ، أم كان مما يمتنع إدراكه بالحس أو وقوعه في أفقه ، كذاته تعالى ، وحقيقة البعث والنشور ، والحساب ، ونفخ الصور ، والميزان ، وملائكة الله ، وجنته وناره ، ولقائه ، وحقيقة الحياة ، في النشأة الاُخرى ، والوحي والنبوّة إلى آخر ما يجب الإيمان به وتصديقه ، كما يدل عليه قوله سبحانه :
( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ... وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ) ( البقرة : ٣ ـ ٤ ).
وقد أوضحه بعض الأعلام بقوله :
الغيب : في العرف العربي اسم لمعنى يقابل الحضور وضد الشهود ، كما في القرآن : ( عَالمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) وفي الحديث النبوي : « ألا فليبلغن الشاهد الغائب » وفي كلام الإمام علي عليهالسلام : « شهود كالغيب ».
والشهود : كناية عن اتصال الحواس بالحاضر لديها وهو المراد من الحضور أيضاً فالغيب كالغائب ، ما لا يتصل به الحس ، وبه سمّي المسافر غائباً ، وخلافه حاضراً ، فالنبأ الغيبي ، بناء على ما عرفت ، هو النبأ الذي لا يتصل بالمحسوس لديك فعلاً ، وإن
__________________
(١) مفردات الراغب ص ٣٦٦ ـ ٣٦٧.