استثناء.
وبعبارة اُخرى : ترى أنّه سبحانه استثنى من احاطة الذل والهوان صورتين : إذا تمسّكوا بحبل من الله ، وإذا تمسّكوا بحبل من الناس ، وبهذين السببين يمكن أن يدفعوا عن أنفسهم الذل والهوان ، والمراد من الحبل هو العهد (١) فلو دخلوا في عهد الله وهو الإسلام ودفعوا الجزية وعملوا بشرائط الذمة وتركوا الغدر والحيلة مع المسلمين فسيعود لهم العز كسائر الذمّيين ، ويعاملون بالمساواة ، وتصان دماؤهم وأعراضهم وأموالهم ، ويذاد عنهم كما يذاد عن غيرهم ، ولو تمسّكوا بحبل من الناس واستعانوا باحدى الاُمم ممّن له منعة وقدرة يتيسر لهم بواسطتها أن يطردوا عن أنفسهم الذل والهوان ، ويستحصلوا على العز والقدرة ما داموا كذلك.
ولا شك أنّ اُمّة اليهود ما احتلت أرضاً ، وما كسبت سلطاناً ، وما أدركت عزّاً إلاّ بحبل من الناس ومساعدة من الاُمم الكبرى ممّن توافقت أهدافهم العالمية مع مصالح العدو الطريد (٢).
« إنّ إسرائيل ليست سوى قاعدة عسكرية مزودة بكافة الأسلحة الحديثة ، اقامتها الولايات المتحدة ، لحماية مصالحها في بلاد العرب ، وأهمّها شركات البترول التي يحتاج بقاؤها والاحتفاظ بها ، إلى نصف مليون جندي امريكي لولا وجود اسرائيل ... فليس من المعقول أن تكون للولايات المتحدة شركات احتكارية في بلد من البلدان ولا يكون إلى جانبها قاعدة حربية أو حلف عسكري يحميها من الثورات والحركات الوطنية ، وقد وجدت في إسرائيل غنى عن القواعد والأحلاف » (٣).
أضف إلى ذلك أنّ إسرائيل وإن اُسّست باسم الدين وصبغت بالصبغة الشريعة
__________________
(١) سمّي حبلاً لأنّه يعقد به الأمان كما يعقد الشيء بالحبل.
(٢) قال الطبرسي في تفسير قوله : ( إِلاَّ بِحَبْلٍ ) أي بعهد من الله وحبل من الناس أي وعهد من الناس على وجه الذمة وغيرها من وجوه الأمان ، مجمع البيان ج ١ ص ٤٨٨.
(٣) من هنا وهناك ص ٩٩.