رجالاً اُولي بأس شديد ، ينتقم منهم ، ودونك الآيات في سورة الإسراء :
( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ).
( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ).
( ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ).
( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ).
( عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ) ( الإسراء : ٤ ـ ٨ ).
فإنّ الآيات تعرب عن افساد الطائفة المذكورة في الأرض مرتين وانتقام الله سبحانه منها بعد كل فساد تقوم به ، ويدل على الفساد الأوّل قوله سبحانه : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا ) وعلى الفساد الثاني قوله عزّ وجلّ : ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ ).
أمّا الانتقام الأول فيدل عليه قوله سبحانه : ( بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ ).
أمّا الانتقام الثاني فيدل عليه قوله تعالى : ( لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ) (١).
ثمّ إنّ المفسرين مالوا يميناً وشمالاً في تفسير هذه الآيات ولم يأتوا بأمر مقنع تطمئن إليه النفس ودونك بعض ما ذكروه من الوجوه :
١. المراد من الفساد الأوّل قتل يحيى بن زكريا ، ومن الانتقام غلبة بخت نصر مع
__________________
(١) الضمائر كلّها ترجع إلى « عباد اُولي بأس شديد » المحاربين لليهود.