الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ) ( آل عمران ـ ١٥٤ ).
ولما كان ما ذكره في مقام الاجابة موجزاً كمال الايجاز أوضحنا ما أفاده بأمرين :
١. ما سمعناه منه رضوان الله عليه شفاهاً.
٢. ما حرّره بقلمه حول السؤال في رسالة فارسية فها نحن نقدم ما سمعناه منه شفاهاً ثم نتبعه بما جاء في رسالته الخاصة.
أمّا الأوّل فنقول :
إنّ علم النبي بالمغيبات لو كان من عند نفسه يجب أن يكون مستنداً إلى امارات وقرائن تثير في نفسه القطع والعلم بأنّه لو شرب هذا السم يهلك قطعاً فالعلم في هذا القسم يتعلق بقضية شرطية ، بحيث لو تحقق الشرط لتحقق الجزاء ، فإذا وقف الانسان على علم هذا شأنه ، لاحترز عن اقترافه بحكم الغريزة الانسانية وليدفع عن نفسه السوء والشر ، فأصبح خلوّاً من كلّ مكروه.
وإن شئت قلت إنّ العلم في هذا النوع يتعلّق بالحوادث من جهة امكانها لا من جهة ضرورتها ، كما مثل به رحمهالله : « من أنّه لو حضر مكاناً كذا ، في ساعة كذا من يوم كذا لقتل » وعند ذاك يختار ترك الحضور أخذاً بواحد من طرفي الامكان وهو الذي فيه نجاته ونجاحه.
وأمّا إذا كان علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم مفاضاً ومستفاداً من جانبه سبحانه فبما أنّ ما علمهم الله لا بداء فيه ولا تخلف ، وهو ممّا يتحقق قطعاً فلا محالة يسير النبي حسب ما أوحى الله إليه ولا يقدر أن يتخلّف عنه قدر شعرة فيصيبه من الخير والشر ما قضي عليه بضرورة وإلى ذلك يشير قوله سبحانه : ( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ ) من عند نفسي ( لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الخَيْرِ ) واخترت أنفع الاُمور وأصلحها ( وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) واحترزت عن اقتراف المضار ، بحكم الغريزة الانسانية التي تدعو إلى صيانة النفس عما يضرّها ويؤذيها ( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ ) فأسير ، حسب ما اُوحي إليّ ، وهو ليس خبراً