يومي به إلى فتنة التتار وجيشه العرمرم الذي أعدّه رئيسها لغزو المسلمين وهدم بلادهم ونهب أموالهم وقتل صغيرهم وكبيرهم ، وقد ذكر ابن الاثير ، هذه الحادثة المؤلمة في تاريخه ( في حوادث سنة ٦١٧ وما بعدها ج ٩ ص ٣٢٩ ـ ٣٨٧ ).
وقال في أوّلها : ولقد بقيت عدّة سنين معرضاً عن ذكر هذه الحادثة ، استعظاماً لها ، كارهاً لذكرها ، فأنا أقدم إليه رجلاً واُخّر اُخرى ، فمن الذي يسهل عليه ، أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين ؟ من ذا الذي يهون عليه ذكره ، فياليت اُمّي لم تلدني ، ويا ليتني مت قبل هذا ، وكنت نسياً منسياً ، إلاّ أنّه حثّني جماعة من الأصدقاء على تسطيرها ، وأنا متوقف ، ثمّ رأيت أنّ ترك ذلك لا يجدي نفعاً.
وقد نقل الشارح الحديدي ج ٨ ص ٢١٨ ـ ٢٤١ اجمال هذه الملحمة أيضاً ، فراجع.
٤. ومثل إخباره عمّا يجري بعد وفاته على الاُمّة وتعرفهم على شخصيته البارزة بعد ما كانت مجهولة كقوله : « غداً ترون أيامي ويكشف لكم عن سرائري وتعرفونني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي » (١).
٥. ومثل إخباره عن ملك بني اُمية وزوال أمرهم عند تفاقم فسادهم في الأرض حيث قال : « أقسم ثمّ أقسم لتنخمنها (٢) اُمية من بعدي كما تلفظ النخامة ثمّ لا تذوقها ولا تطعم بطعمها أبداً ماكر الجديدان » (٣).
٦. وقوله مخبراً عن تسلّط معاوية على العراق والزامه الناس بسب علي عليهالسلام والبراءة منه كما يقول : « أمّا أنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ; ولن تقتلوه ألا وإنّه سيأمركم بسبّي
__________________
(١) نهج البلاغة طبعة عبده الخطبة ١٤٥.
(٢) نخم ـ كفرح ـ أخرج النخامة من صدره فألقاها ، والنخامة ـ بالضم ـ ما يلف ـ ظه الصدر أو الدماغ من المواد المخاطية.
(٣) نهج البلاغة طبعة عبده الخطبة ١٥٣.