وقد بلغ من العظمة موقفاً إلى أنّ الله وملائكته يصلّون عليه ، فأمر الله سبحانه المؤمنين أن يصلّوا عليه ويسلّموا تسليماً وقال سبحانه : ( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ( الأحزاب ـ ٥٦ ).
روى الشافعي عن أبي هريرة أنّه قال لرسول الله كيف نصلّي عليك ؟ قال : « تقولون : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم ثمّ تسلمون عليّ » (١).
قال ابن حجر صح عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله قد عرفنا كيف نسلّم عليك فكيف نصلّي عليك ؟ قال : قولوا اللّهم صلّ على محمد وآل محمد ـ إلى أن قال ـ وروي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء ؟ قال : تقولون : اللّهمّ صلّ على محمد وتمسكون ، بل قولوا : اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
وقد نسب الزرقاني هذين البيتين إلى الإمام الشافعي :
يا آل بيت رسول الله حبّكم |
|
فرض من الله في القرآن أنزله |
كفاكم من عظيم القدر أنّكم |
|
من لم يصلّ عليكم لا صلاة له (٣) |
وإلى أنّه وصل إلى الذروة من عظمة الخلق وقوة الروح وصفاء النفس ورجاحة العقل بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ( القلم ـ ٤ ).
غير أنّ من المحتمل أن يكون « الخلق » بمعنى الدين ، أي أنّك على دين عظيم كما عليه قوله سبحانه : ( إِنْ هَٰذَا إِلاَّ خُلُقُ الأَوَّلِينَ ) ( الشعراء ـ ١٣٧ ) فالمقصود اكبار الدين الذي بعث النبي لبيانه وابلاغه ، ويؤيده قوله سبحانه بعده : ( فَسَتُبْصِرُ
__________________
(١) مسند الشافعي ج ٢ ص ٩٧.
(٢) الصواعق ص ١٤٤.
(٣) شرح المواهب ص ٧.