النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ ) ( الحجرات : ٢ ) وبقوله سبحانه : ( لاَّ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا ) ( النور ـ ٦٣ ) ، وإلى حرمة التسرّع في ابداء الرأي والبدء في العمل بقوله عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ( الحجرات ـ ١ ).
وإلى تأثّره وغمّه وهمّه وحزنه من عدم استجابة قومه لدعوته واهتدائهم بهداه بقوله سبحانه : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الحَدِيثِ أَسَفًا ) ( الكهف ـ ٦ ) ، وبقوله : ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) ( الشعراء ـ ٣ ) ، وإلى تحمسه وثباته في المعارك الطاحنة وما فيه من شجاعة وثبات جنان في مواقف الشدة وميادين الكفاح ، وإلى موقفه أمام العدو حين ما دارت الدائرة على المسلمين وانهزموا وتفرّق كثير من أعيانهم وأبطالهم ، ووقف النبي وثبت في ميدان المعركة ، ومعه من لا يتجاوز عدد الأصابع بقوله سبحانه : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ( آل عمران ـ ١٥٣ ).
فكان النبي قطب الرحى في هذا الموقف العصيب إذ ثبت ثبات الجبال ، رابط الجأش ، مطمئن النفس ، فصار اسوة حسنة للمؤمنين.
وإلى أنّه بلغ من الكمال إلى حد ، صار إماماً وقدوة للمؤمنين يتأسون به في قيمه الروحيه ومثله العليا بقوله : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ) ( الأحزاب ـ ٢١ ).
وإلى أنّه قد رزق الكوثر والخير الكثير من كل جوانب الحياة ومظاهرها فرزقه الله من بنت واحدة ، ما ملأ الخافقين بقوله : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ( الكوثر ـ ١ ) وغيرها من الخيرات التي لا تعد ولا تحصى فلمّا رماه خصمه بأنّه الابتر ، فرمى شانئه بأنّه أولى بذلك لا نبي العظمة.