(ومن أجرى عينا) بأن أخرجها من الأرض وأجراها على وجهها(فكذلك) يملكها مع نية التملك (١) ، ولا يصح لغيره أخذ شيء من مائها إلا بإذنه ، ولو كان المجري جماعة ملكوه على نسبة عملهم (٢) ، لا على نسبة خرجهم ، إلا أن يكون الخرج تابعا للعمل. وجوّز في الدروس الوضوء ، والغسل ، وتطهير الثوب
______________________________________________________
(١) من حفر بئرا أو عينا بنية التملك فإنه يختص بالبئر أو العين كالمحجّر وإن وصل إلى الماء فقد ملك الماء والبئر لعموم (من سبق) بلا خلاف فيه ، ولكن الشيخ في المبسوط أوجب على المالك بذل الفاضل عن حاجته إلى غيره بغير عوض ، إذا احتاج الغير إليه لشربه أو شرب ماشيته لا لسقي الزرع والشجر ، نعم حاجة المالك قدرها بشربه وشرب ماشيته وزرعه ، لخبر جابر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (أنه نهى عن بيع فضل الماء) (١) ، وللنبوي الآخر (من منع فضل الماء ليمنع به الكلاء منعه الله فضل رحمته) (٢).
وهي أخبار عامية لا جابر لها وهي أعم من المدعى ، وظاهرها النهي عن منع فضل مائه مطلقا حتى لو كان لزرع الغير وهو لا يقول به ، نعم هي ظاهرة في إرادة الماء المباح الذي لم يعرض له وجه مملّك كمياه الأنهار العامة والأمطار ومياه العيون والآبار المباحة ، فإن الناس في هذه شرع سواء حتى لو دخل منها شيء في أملاك الناس لم يملكوه إلا بنية الحيازة على تفصيل قد تقدم ، ومما تقدم تعرف أن الماء أصله مباح ويملكها بالحيازة أو بحفر البئر أو العين في ملكه أو المباح ، ويملك أيضا بما إذا أجرى من المياه المباحة نهرا بحيث حفر مجرى أوصله إلى الماء المباح فدخل فيه ، وهذه هي أسباب تملك الماء.
(٢) لو كان الحافر أو المجري واحدا فلا بحث وأما إذا كان جماعة فإن وسعهم على وجه لا يقع بينهم تعاسر أو لم يسعهم ولكن تراضوا على المهاياة وقسمة مائه بحسب الزمن فلا بحث ، وإن تعاسروا قسّم بينهم بالأجزاء بأن توضع خشبة صلبة أو صخرة فيها ثقوب متساوية على قدر حقوقهم في صدر الماء هذا إذا كانوا متساويين في العمل وإلا فلكل بحسب عمله ، لأن الحيازة تابعة للعمل.
وعن الشيخ في المبسوط أنه مع التعاسر يقسّم بينهم على سعة الضياع التي هي لهم لا على قدر عملهم ولا نفقاتهم ، لعدم ملكهم الماء وإنما هم أحق به لأجل ملكهم ، فلو كان لبعضهم مائة جريب وللآخر ألف جعل للأول عشر ما للثاني ، وفيه أن الماء مملوك بالعمل لا بحسب سعة الضياع فالتقسيم تابع للعمل.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٥.
(٢) كنز العمال ج ٣ ص ٥١٨ رقم الحديث : ٣٩٧٥.