ووجوب النّظر في معجزته يتوقّف على وجوب النّظر في معرفة الله تعالى ، إمّا لاندراجه في مطلقه ، وإمّا لأنّه نظر في معرفة الله من حيث إنّه مرسل للرسول ، وهذا دور.
أقول : وفيه نظر ، إذ وجوب النّظر في المعجزة لا يتوقّف على وجوب النّظر في معرفة الله ، بل إنّما يتوقّف على صدق الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ المفروض أنّ وجوبه أيضا شرعيّ ، فيحصل الدّور بين العلم بالصّدق ووجوب النّظر في المعجزة ، فيلزم توقّف العلم بالصّدق على العلم بالصّدق ، وليس هذا هو الدّور الذي هو بصدد بيانه.
فالأولى على ما يستفاد من «التّجريد» وشرحه أن يقال : لو وجب النّظر لكان وجوبه شرعيّا ، لبطلان الوجوب العقليّ ، ولو فرض كونه شرعيّا ، لزم منه الدّور ، وهو محال ، فيلزم انتفاء كونه واجبا شرعيّا ، وما يستلزم ثبوته انتفاءه ، فهو محال.
فهذا التقدير يتمّ بإدراج مقدّمة أخرى ، وهو أن يقال في تقرير الاستدلال : إنّ الوجوب لو كان بالشّرع لتوقّف على العلم بصدق الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والعلم بصدق الرّسول يتوقّف على النّظر في معجزته بأنّه فعل صادر من الله تعالى تصديقا له ، ووجوب النّظر في معجزته أيضا ثابت بالشّرع أيضا ، إمّا لاندراجه في مطلق النّظر ، وإمّا لأنّه نظر في معرفة الله من حيث إنّه مرسل للرسل ، ولا يثبت ذلك الوجوب إلّا مع العلم بصدقه الذي لا يعلم إلّا بالنّظر الى معجزته.
نعم ، لو قال : وجوب النّظر في معجزته نفس وجوب معرفة الله ، الى آخره ، في موضع يتوقّف على وجوب النّظر في معرفة الله لكان له وجه ، وإن كان تكلّفا وتمحّلاً.
وقد يقرّر الدّور بأنّ وجوب النّظر في معرفة الله تعالى نظريّ موقوف على النّظر