عند مثل الصّدوق رحمهالله كيف يحصل العلم بأنّ الصّدوق نقل هذه الرّواية عن هذا الأصل إذ لعلّه نقله معنعنا من غير أصله ، والامتزاج وعدم التّعيين واحتمال المزج ينافي القطعيّة.
وثالثا : أنّ كون الرّجل ثقة في النقل مجتنبا عن الافتراء ، بعد ثبوته إنّما يثبت عند عدم تعمّد الافتراء والكذب ، وهو لا ينافي السّهو والغفلة والخطأ ، سيّما مع تجويزهم النقل بالمعنى.
ورابعا : أنّ هذه الأصول لو سلّم كونها متواترة عند الصّدوق ، فلم يثبت تواترها عندنا ، واحتمال السّهو والخطأ والغفلة عن مثل الصّدوق غير عزيز.
وخامسا : أنّ حصول العلم من مثل هذه القرينة ممنوع ، إذ كثيرا ما يدلّس من المرائي أمره لترويج الباطل ، ويرائي من نفسه الزّهد والورع لتغرير النّاس ، ونفي هذا الاحتمال بحيث يحصل القطع بعدمه سيّما لأمثالنا في زماننا في غاية البعد.
نعم ، يمكن حصوله للمشافه الحاضر الممارس للرجل ، وكيف يحصل القطع لسبب ملاحظة هذه القرينة بمعونة أخبار الآحاد المشتملة على ذلك بعد ألف عام أو أزيد ، وسيّما مع ادّعاء وفوره سيّما من الفسّاق والمخالفين.
وسادسا : أنّ غاية ما ذكرت أنّ هذا الرّاوي لا يروي إلّا ما يقطع بأنّه من المعصوم عليهالسلام وليس كلّ قطع موافقا للواقع ، إذ قد يكون قطعه من باب الجهل المركّب من دون تقصير منه.
وسابعا : أنّ هذه الحال ، حال راوي الأصل ، وغاية ما يثبته المدّعي أنّ ذلك الرّاوي لا يروي إلّا ما يقطع به ، وأمّا حال الواسطة بينه وبيننا ، فلا يعلم من ذلك.
والقول : بأنّ المراد بذلك بيان صاحب الأصل ، فلا يضرّ جهالة الواسطة مع تواتر الأصل عنه قد عرفت الجواب عنه.