والحاصل ، أنّ في موارد تقديم الظّاهر على الأصل اقتحاما في الحكم الشّرعيّ بمجرّد ظنّ بحصول سببه ، ونحن نطالبكم بدليل هذا الحكم وجواز العمل بهذا الظنّ.
إذا تقرّر هذا ، فنقول : إمّا تسلّم أنّ العمل على الظّاهر ممّا استفيد من الشّرع ، فهو قاطع الكلام من رأس. فإنّ الظّاهر ، معناه ما يوجب الظنّ كائنا ما كان ، خصوصا مع ملاحظة تصريحهم بالاكتفاء بغلبة الظنّ والقرائن.
وإن لم تسلّم ذلك ، فإمّا أن تقول : إنّ الفقهاء أسّسوا هذا الأساس بعد غيبة الإمام عليهالسلام وانقطاعهم عن تحصيل العلم ، فهو أيضا يكفينا.
الظّاهر إجماعهم على ذلك في الجملة ، وإنّما اختلافهم في بعض الموارد دون بعض وإن لم تسلّم ذلك أيضا.
وقلت : إنّ ذلك إنّما هو في كلام أكثرهم أو بعضهم لا جميعهم حتّى يكون إجماعا.
فنقول : إنّ ذلك أيضا يكفينا ، لأنّ بذلك يدفع دعوى إجماعك على أنّ حجّية ظواهر الكتاب ونحوه من باب الإجماع على الخصوصيّة لا من حيث إنّها ظنّ ، فإنّ ذلك إنّما يتمّ إذا كان كلّ المفتين بذلك ممّن لا يكون ممّن اعتمد عليها من حيث إنّه ظنّ المجتهد ، وأنّى لك بإثباته مع ملاحظة ما ذكر ، وإذا بلغ الكلام الى هنا فإن كان أمكنك نوع من الفرار بادّعاء فرق بين الموضوع ونفس الحكم على النّهج الذي نبّهناك عليه.
فنقول : وإن فتحنا بهذا التّقرير لك بابا ، ولكن اغلق ذلك عليك إغلاقا آخر ، فإنّ كلامهم ينادي بأعلى صوته أنّ هذا الباب أيضا يحتاج الى الاعتماد على ظنّ المجتهد من حيث هو في باب التّرجيح بين معارضات الأصل والظّاهر ، فقد اختلفوا غاية الاختلاف ، ورجّح بعضهم الظّاهر في بعض المواضع ، والآخر