أريد مطلقا ، فممنوع. لأنّ الغافل عن هذا المقدار من وجوب المعرفة الذي أوج معرفته أنّ ما يفعله أبوه وأمّه هو ما لا يحتمل البطلان ، وليس الصّلاة مثلا غير ما يفعلانه ، ولا تزلزل في خاطره في هذا المعنى ، كيف يكلّف بالرّجوع الى المجتهد ، ومعرفة المجتهد وتعيينه ، وهل هذا إلّا التكليف بما لا يطاق؟ ولذلك يكتفى في من بلغ فطنته الى لزوم الرّجوع الى المجتهد بحصول ظنّه بأنّ هذا الشّخص مجتهد ، ويكفيه ذلك وإن اتّفق في الواقع كونه غير مجتهد ، وهل ذلك إلّا لأنّ تكليفه بأزيد من ذلك تكليف بما لا يطاق ، إمّا لأجل أنّه غافل عن احتمال أن يكون شخص أفضل من ذلك ، أو عن احتمال أن يكون ذلك قاصرا في رتبة الاجتهاد ، وإمّا لأجل أنّه جاهل بحقيقة الاجتهاد ، فما الفرق بين ذلك وبين ما نحن فيه؟
فالطّفل في أوّل بلوغه ، على الفرض الذي ذكرنا في تعيين أبيه أو أمّه للرجوع إليه ، مثل هذا المقلّد في تعيين مجتهده.
واحتجّوا أيضا : بالأخبار الدالّة على الرّجوع الى العلماء ، مثل مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها ، وبمثل قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) ، وبمثل الأخبار الحاكية أنّ أصحاب الأئمّة عليهمالسلام إذا كانوا يسألونهم : عمّن نأخذ معالم ديننا؟ كانوا يقولون : عن زرارة ، أو يونس بن عبد الرّحمن مثلا (٢) ، ولم يجوّزوا الرّجوع الى غيرهم ، بل إنّهم نهوا عن تقليد العالم المتابع لهواه فضلا عن
__________________
(١) النحل : ٤٣.
(٢) راجع «رجال الكشّيّ» ٢ / ٨٥٨ و ٧٧٩ ، وكذا في زكريا بن آدم فقد روى في «الوسائل» ٢٧ / ١٤٦ الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ح ٢٧ ، عن علي بن المسيّب الهمداني قال : قلت للرضا عليهالسلام : شقّتي بعيدة ، ولست أصل إليك في كل وقت فممّن آخذ معالم دينى؟ قال : من زكريّا بن آدم القميّ ، المأمون على الدّين والدّنيا.