العارف المسامحة في ذلك ، فكذلك الطفل ومن فوقه من العوامّ إذا شكّك له مشكّك بأن يقول : إنّ أباك لا يليق بالتقليد ، أو يجب عليك معرفة الأحكام وتحصيلها من مجتهد مقبول ، فيتزلزل اطمئنانه ولا يجوز له العمل بعد ذلك بهذا الظنّ ، بل لا يبقى حينئذ ظنّ.
كما أنّ المجتهد بعد ما استفرغ وسعه واستقرّ ظنّه على حكم فأخبره معتمد من العلماء أنّ في الكتاب الفلانيّ حديثا صحيحا يدلّ على خلاف ما ذكرت ، وأنّ فلانا ادّعى الإجماع في الكتاب الفلانيّ على خلاف ما ذكرت ، فيتزلزل ولا يجوز له العمل حتى يتفحّص ويتأمّل في ذلك ، ثمّ يعمل على ما اقتضاه.
وأمّا تفصيل الكلام في المقام الأوّل ، فهو أنّ المشهور بين فقهائنا أنّ الناس في غير زمان حضور الإمام عليهالسلام صنفان : إمّا مجتهد وإمّا مقلّد له ، ومن لم يكن من أحد صنفين فعبادته باطلة وإن وافق الواقع ، ويؤدّي هذا المؤدّى قولهم : بأنّ الجاهل في الحكم الشرعيّ غير معذور.
وذهب جماعة من المتأخّرين ، منهم المحقّق الأردبيلي رحمهالله الى ثبوت الواسطة ومعذوريّة الجاهل ، وصحّة عباداته إذا وافقت الواقع.
حجّة المشهور : أنّ التكاليف (١) باقية بالضّرورة وسبيل العلم إليها مسدود ، ولا دليل على العمل بالظنّ إلّا ظنّ المجتهد ، لقضاء الإجماع والضّرورة بذلك والمقلّد له للزوم اختلال نظام العالم لو أوجبنا الاجتهاد على الجميع.
وفيه : أنّ وجوب الرّجوع الى المجتهد إن أريد بالنّسبة الى من تفطّنه لوجوب المعرفة ولم يقصر فطنته على الاكتفاء على من هو دون المجتهد ، فمسلّم ، وإن
__________________
(١) في نسخة الأصل (التكليف).