مكة والمدينة بدأت تختفي تدريجيا بعد القرن الحادي عشر (١) ، ولم يعد لها وجود في الوقت الحاضر.
أما أساليب الكتابة والتأليف فقد غلبت عليها الصناعة البديعية وخاصة السجع ، حيث كان ينظر لهذا النهج على أنه في غاية الفصاحة والبيان ، كما فسد الذوق الجمالي عند بعضهم فأصبح الممجوج يعد من الأساليب الحسنة ، والمستهجن من العبارات مألوفا ، وحسب بعضهم أن البلاغة هي أن يبدع الكاتب في الأساليب البديعية لفظا ، أما الأفكار والمعاني فقد كانوا يعدونه ثانويا تابعا. «وقد تضيع الفكرة في خضم الألفاظ المتلاطمة تكلفا وغرابة وبعدا» (٢).
أما على الصعيد الاقتصادي : فقد تميزت مكة وجدة بمكانة اقتصادية رفيعة ، حيث كانتا مركزا تجاريا هاما ، تنوعت فيهما العملة المتداولة في البيع والشراء ما بين أجنبية وإسلامية ومحلية مثل الدنانير الافرنتية وهي عملة بندقية عرفت في الشرق باسم بندقي ، بدأ التعامل فيها في مكة عام
__________________
(١) انظر كتب التراجم مثل : الفاسي ـ العقد الثمين ، السخاوي ـ الضوء اللامع ، ابن العماد الحنبلي ـ شذرات الذهب ، المحبي ـ خلاصة الأثر ، الشوكاني ـ البدر الطالع. وكتب الرحلات مثل : ابن بطوطة ـ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم اللواتي (توفي سنة ٧٧٩ ه) ـ رحلة ابن بطوطة ـ دار بيروت للطباعة والنشر ـ بيروت ١٤٠٠ ه / ١٩٨٠ م ، العياشي ـ أبو سالم عبد الله بن محمد (توفي سنة ١٠٩٠ ه) ـ ماء الموائد ، السليمان ـ علي بن حسين ـ العلاقات الحجازية المصرية زمن سلاطين المماليك ـ طباعة الشركة المتحدة للنشر والتوزيع سنة ١٣٩٣ ه / ١٩٧٣ م ص ٢٢٩ ـ ٢٤٣ ، الردادي ـ الشعر الحجازي ١ / ٨٦ ، ١٠٢ ـ ١٤٨.
(٢) وقد ظهر ذلك جليا في كتاب السنجاري موضع التحقيق في القسم الأخير من سنة ١٠٧٠ ه إلى ١١٢٤ ه. وانظر : الردادي ـ الشعر الحجازي ١ / ١١٣ ـ ١١٥.