استعملوا واحده فقالوا : حوالك ، ومنه : حنانيك أي تحنّنا بعد تحنّن ، قال طرفة : (١)
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا |
|
حنانيك بعض الشّرّ أهون من بعض |
ولبّيك وسعديك لا يفرد فيهما الواحد لأنّهما وضعا بلفظ التثنية للتكثير ، ولم يستعمل منهما مفرد ، ولبّيك مأخوذ من ألبّ على كذا ، إذا داوم عليه (٢) فكأنّه قال : دواما على طاعتك مرّة بعد مرّة ، وسعديك معناه مساعدة لك بعد مساعدة ، فقام لبّيك وسعديك مقام دواما ومساعدة ، وإذا قال الملبّي : لبّيك اللهمّ وسعديك فمعناه دواما على طاعتك ومتابعة لأمرك فهذا منصوب بفعل من معناه ، لا من لفظه بخلاف سقيا ورعيا وبخلاف حنانيك أيضا ، فإنّ الفعل يمكن تقديره من لفظه نحو : تحنّن أي ارحم وهذا مما يقوّي إفراده (٣) ودواليك من المداولة قال الشّاعر : (٤)
إذا شقّ برد شقّ بالبرد مثله |
|
دواليك حتّى كلّنا غير لابس |
وهو في موضع الحال ، أي متداولين ، وهذا ذيك : معناه السّرعة ويقال ذلك في الضّرب (٥) قال الشّاعر : (٦)
__________________
(١) طرفة بن العبد ، كان من أشعر الناس ومن أحدث الشعراء سنّا ، وأقلهم عمرا قتل وهو ابن عشرين سنة انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء ، ١ / ١١٧ ومعجم الشعراء ، ١٤٦ ، والبيت ورد في ديوانه ، ٦٦ وورد منسوبا له في الكتاب ١ / ٣٤٨ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٧ وهمع الهوامع ، ١ / ١٩٠ ، ومن غير نسبة في المقتضب ، ٣ / ٢٢٤ ، وكتاب الحلل ، ٢٤٨ وشرح المفصل ، ١ / ١١٨. وأبو منذر كنية عمرو بن هند.
(٢) تاج العروس ، ألب.
(٣) شرح المفصل ، ١ / ١١٩.
(٤) البيت لسحيم عبد بني الحسحاس ، ورد في ديوانه ، ١٦ ونسب له في الكتاب ، ١ / ٣٥٠ وكتاب الحلل ، ٣٥٥ وشرح المفصل ، ١ / ١١٩ وشرح المفصل ، ١ / ١١٩ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٧ وخزانة الأدب ، ٢ / ٩٩ ومن غير نسبة في مجالس ثعلب ، القسم الأول ، ١٣٠ ـ والخصائص ، ٣ / ٤٥ وهمع الهوامع ، ١ / ١٨٩ ، وكثير ممن روى البيت رواه مكسور الروي ويروى «ما لذا البرد لابس» ففيه إقواء انظر حاشية الكتاب ، ١ / ٣٥٠. البرد : الثوب من أي شيء كان وشقّ البرد ، معناه أنّ العرب كانوا يقولون : إنّ المتحابين إذا شقّ كلّ واحد منهما برد صاحبه دامت مودّتهما.
(٥) الهذّوالهذذ : سرعة القطع ، وسرعة القراءة يقال : ضربا هذا ذيك أي هذّا بعد هذّ ، يعني قطعا بعد قطع.
هذذ لسان العرب.
(٦) الرجز للعجّاج ، وقبله :
حتّى يقضّي الأجل المقضّى.
ورد في ديوانه ، ٢ / ٣٦ ورد منسوبا له في المحتسب ، ٢ / ٢٧٩ والحلل ، ٣٥٤ وشرح المفصل ، ١ / ١١٩