المقدّرة لا الذات المذكورة كما توهمه بعضهم (١) وتعلّق فارسا في : لله درّه فارسا وشبهه بمن هو له ، إنّما هو تعلّق الوصف بالموصوف ، فالتمييز في هذه الأمور الثلاثة / إنّما هو عن ذات مقدّرة ، لأنّ المقصود إنّما هو نسبة الفعل أو ما أشبهه إلى ما هو متعلّق بالاسم المنتصب عنه التمييز ، لأنّ الفعل الذي هو طاب في نحو : طاب زيد أبا ، مسند في اللفظ إلى زيد ، وهو في المعنى مسند إلى شيء آخر مقدّر متعلّق بزيد غير مذكور ، وهو مبهم لاحتمال جميع متعلّقات زيد ، فإذا قلت أبا ، فقد رفعت به الإبهام عن الذّات المقدّرة كما رفعت بالدرهم الإبهام عن عشرين في الذات المذكورة ، والتقدير : طاب أبو زيد أبا ، وطاب علم زيد علما وتصبّب عرق زيد عرقا ، وكذلك ما أشبه ذلك ، فالذات المقدّرة هي أبو زيد أو علمه ونحوهما ، فالفعل منسوب في اللفظ إلى زيد ، وفي المعنى إلى أبيه أو إلى علمه ونحوهما إذا قصد ذلك ، والإبهام إنّما نشأ من نسبة الطيب مثلا إلى متعلّق زيد ، لأنّ قولك : طاب زيد ، لا إبهام في واحد منهما ، وإنّما الإبهام في نسبة الطيب إلى أمر يتعلّق بزيد ، ولو لا ذلك لم يكن ثمّ ما يحتاج إلى تمييز ، ومتعلقاته تحتمل وجوها كثيرة فاحتيج إلى تفسير المقصود منها فجيء بالتمييز ، وكذلك الحال في الإضافة فإنّه قد يضاف الشيء إلى أمر ، والمراد إضافته إلى متعلّقه مثلما قيل في الجملة فيأتي التمييز أيضا.
واعلم أنّ الاسم المنصوب على التمييز قد يكون صالحا أن يرجع إلى من انتصب عنه وإلى متعلّقه ، وذلك نحو : أبا في طاب زيد أبا ، فجائز أن يكون الأب هو زيد ، وجائز أن يكون الأب هو والد زيد وكذا الأبّوة أيضا ، فإنّها تصلح لكلّ واحد منهما ، فإن كان المقصود في قولك : طاب زيد أبا ، بالطيب هو زيد نفسه كان التقدير طاب الأب زيدا أبا ، فتكون الذات المقدّرة هي الأب وإن كان المقصود والد زيد ، كان التقدير : طاب أبو زيد أبا ، فالذات المقدّرة هي أبو زيد ، وكذا القول في الأبوّة وغيرهما مما يأتي في هذا الباب. فإن لم يصلح أن يرجع إليهما فهو لمتعلّقه خاصة نحو : طاب زيد علما ودارا ، فليس يحتمل علما ودارا جهتين كما احتمله أبا وأبّوة بل إنما يحتمل جهة
__________________
(١) نقل الأزهري ، ١ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ عن حواشي ابن هشام ما نصه : «وكون فارسا من مميز النسبة إنما يتمشى إذا كان الضمير المضاف إليه «الدر» معلوم المرجع ، أما إذا كان مجهوله ، كان من مميز الاسم لا من مميز النسبة لأن الضمير مبهم فيحتاج إلى ما يميزه» وانظر الكتاب ، ٢ / ١٧٤ والمقتضب ، ٣ / ٣٥ وشرح المفصل ، ٢ / ٧٣ وشرح الكافية ، ١ / ٢٢٠.