الإبهام عن نفس المثل إذ لا إبهام في إضافة المثل إلى الضمير بل في نفس المثل.
ولا يتقدّم التمييز على العامل (١) لأنّ العامل إن كان غير فعل كان ضعيفا ، فلا يعمل في التمييز المتقدّم عليه بالاتفاق (٢) وإن كان فعلا فمذهب سيبويه أن لا يتقدم عليه التمييز (٣) أيضا ، لأنّ التمييز في المعنى فاعل فكما لا يتقدّم الفاعل على الفعل ، لا يتقدّم التمييز على الفعل ، لأنّ الأصل في قولنا : طاب زيد نفسا طاب نفس زيد ، فعدل عن ذلك ليكون مبهما أوّلا ثم يفسّر ، فيكون أبلغ موقعا عند السّامع ، والمازنيّ أجاز تقديم التمييز على عامله إذا كان فعلا خاصة كقولنا : نفسا طاب زيد ، ووافق في غير الفعل (٤).
ذكر الاستثناء (٥)
المستثنى هو ثالث المنصوبات المشبّهات بالمفعول ، وهو ضربان : متصل ومنقطع ، فالمتصل : هو المخرج من حكم على متعدّد لفظا أو تقديرا بإلّا وأخواتها ، فاللفظ نحو : قام القوم إلّا زيدا ، والتقدير نحو : ما قام إلّا زيد ، لأنّ معناه ما قام أحد إلا زيد ، وقال : بإلّا وأخواتها ، ليخرج عنه المخرج عن متعدّد بالصفة نحو : أكرم بني تميم العلماء ، فإنّ الجهال مخرجة منه لعدم اتصافهم بالعلم ، وكذلك المخرج بالبدل كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)(٦) وكذلك المخرج بالشّرط نحو : أكرم القوم إن دخلوا الدّار ، وبالجملة المخرج بغير إلّا وأخواتها لا يسمّى استثناء ، وأخوات إلّا : غير وخلا وعدا وما خلا وما عدا وليس ولا يكون
__________________
(١) الكافية ، ٣٩٥.
(٢) همع الهوامع ، ١ / ٢٥٢.
(٣) الكتاب ، ١ / ٢٠٥ والمقتضب ، ٣ / ٣٦.
(٤) وبعدها في شرح الوافية ، ٢٢٩ «وما ذكرناه من المعنى يلزمه ، لأن معنى قولهم : طاب زيد علما في الأصل طاب علم زيد ، فقصدوا إلى الإبهام ثم التفسير لذلك الغرض ، فإذا قدم فات الغرض المذكور كما تقدم في المفرد سواء» وانظر في هذه المسألة المقتضب ، ٣ / ٣٦ ـ ٣٧ ، والإنصاف ، ٢ / ٨٢٨ وشرح المفصل ، ٢ / ٧٤ وتسهيل الفوائد ، ١١٥ وهمع الهوامع ، ١ / ٢٥٢.
(٥) الكافية ، ٣٩٥.
(٦) الآية ٩٧ من سورة آل عمران.