لو أبدل من لفظه كان التقدير : جاءني من زيد ، فتزاد من في الإثبات وهو غير جائز عند سيبويه (١).
ثانيها : لا أحد في الدار إلّا زيد ، ولا إله إلّا الله بالرفع على البدل من المحلّ (٢) ولا يجوز النّصب على البدل من لفظ أحد وإله خلافا للزجاج ، وإنّما تعيّن البدل من المحلّ دون اللفظ ، لأنّ العامل لفظا لمّا كان لا ـ وهي إنّما تعمل للنفي / وما بعد إلّا إذا وقع في سياق النفي كان مثبتا ، والبدل في حكم تكرير العامل فلو قدّرت بعد إلّا ، لزم الجمع بين المتناقضين ، لأنّ «لا» تقتضي نفي ما بعدها و «إلّا» تقتضي إثباته.
ثالثها : ما زيد شيئا إلّا شيء لا يعبأ به ، فلا يجوز نصب شيء الثاني على البدل من لفظ شيئا الأول الذي هو خبر ما ، إذ يبقى التقدير : ما زيد إلّا شيئا ، فيلزم تقدير ما عاملة بعد إلّا وهي لا تعمل بعدها لانتقاض النفي ، فيتعذّر البدل على اللفظ ، فيجب حمله على المحل ، ومحلّه رفع في الأصل قبل دخول ما بخلاف ليس فإنه يجب النصب في مثل قولك : ليس زيد إلّا شيئا لا يعبأ به ، لأنّ ليس إنما عملت للفعليّة لا للنفي ، فهي مثل : ما كان زيد إلّا قائما ، وأما ـ ما ولا ـ فإنّهما إنما عملا للنفي ، فإذا انتقض بنحو «إلّا» ، بطل عملهما ، فلذلك وجب النصب في قولك : ليس زيد إلّا قائما وامتنع النصب في : ما زيد إلّا قائما (٣).
والمستثنى بغير وسوى وسواء لا يكون إلّا مخفوضا (٤) لأنّه مضاف إليه ، وكذلك حاشا على الأكثر (٥) وقلّ النصب بها نحو : اللهمّ اغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان وابن الأصبغ (٦). لأنّه حرف جرّ غالبا ، ومنهم من ينصب بحاشا على أنه
__________________
(١) الكتاب ، ٢ / ٣١٥ ـ ٤ / ٢٢٥.
(٢) تسهيل الفوائد ، ١٠٢ والمغني ، ٢ / ٥٦٣ وشرح التصريح ، ١ / ٣٥١ وشرح الأشموني ، ٢ / ١٤٥.
(٣) شرح الوافية ، ٢٣٥ ، وشرح المفصل ، ٢ / ٩١ وشرح الكافية ، ١ / ٢٣٨.
(٤) الكافية ، ٣٩٦.
(٥) الكتاب ، ٢ / ٣٤٩ وشرح الكافية ، ١ / ٢٤٤.
(٦) في شرح المفصل ، ٢ / ٨٥ وحكى أبو عثمان المازني عن أبي زيد قال سمعت أعرابيا يقول : اللهم ... إلخ.