كلا ، إلّا على المثنّى خاصّة كما أنّ كلّه لا يجري إلّا على غير المثنّى ، وكذلك أجمع وما بعده يقع تأكيدا لغير المثنّى ، سواء كان مفردا أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا كما سنمثله ، وليس في صيغتي كلا وكلتا اختلاف بل الاختلاف في الضمير الذي أضيفتا إليه فإنّهما يضافان إلى ضمير من هما له كقولك : كلاهما كلتاهما ، والباقي من ألفاظ التأكيد لغير المثنّى باختلاف الضمير نحو : كلّها وكلّه وكلّهم وكلّهنّ وباختلاف الصيغ في الباقي (١) كما سنذكره.
واعلم أنّ أجمع لا ينصرف للتعريف ووزن الفعل ، وجمعاء لا ينصرف للتأنيث ولزوم التأنيث ، وأجمع وبابه يختلف باختلاف الصيغ لا بضمير ، فإنّه لا يضاف تقول : اشتريت العبد كلّه أجمع أكتع أبتع أبصع ، وجاءني القوم كلّهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون واشتريت الجارية كلّها جمعاء كتعاء بتعاء بصعاء ، وجاءتني النسوة كلّهنّ كتع بتع بصع ، وأجمعون يختصّ بالمذكرين العقلاء ولا يؤكّد بكلّ وأجمع وبابه إلّا ذو أجزاء يصحّ افتراقها حسا أو حكما (٢) ، لأنّها وضعت لمعنى الشمول ، نحو : جاءني القوم كلّهم ، لأنّ للقوم أجزاء ولكن يصحّ افتراقها حسا وهي : زيد وعمرو وغيرهم فإن لم يكن للشيء أجزاء أو كان له أجزاء ولكن لا يصح افتراقها حسا ولا حكما لم يجز تأكيده بكل وأجمع ، لأنّهما للشمول كما تقدّم ، فيصحّ قولك : اشتريت العبد كلّه ، لأنّ أجزاءه يصحّ افتراقها حكما لأنّه يجوز أن يكون المشترى نصف العبد ، أو أقلّ أو أكثر (٣) ولم يصحّ : قام زيد أو جاء زيد كلّه والمراد بالشمول ما يشمل الشيء أي ما يحيط به ، وقد استعملت حروف كل في معنى الشمول كثيرا فمنه : الإكليل لاحاطته بالرأس ، والكلال لإحاطة التّعب بالبدن (٤) وغير ذلك ، وإذا أكّد بالنفس والعين ضمير متصل مرفوع فلا بدّ أن يفصل بينهما بضمير منفصل مطابق للمؤكّد (٥)
__________________
(١) شرح الوافية ، ٢٦٥.
(٢) الكافية ، ٤٠١ ـ ٤٠٢.
(٣) شرح الوافية ، ٢٦٦ وشرح الكافية ، ١ / ٣٣٥ وشرح الأشموني ، ٣ / ٧٥.
(٤) الإكليل : شبه عصابة مزيّنة بالجواهر والجمع أكاليل ، ويسمّى التاج إكليلا ويقال : كلّ يكلّ كلالا وكلالة : إذا تعب. اللسان ، كلل.
(٥) الكافية ، ٤٠٢.