فعّيلى كقول عمر رضياللهعنه : (١) «لو أطيق الأذان مع الخلّيفى لأذّنت» وقول عمر بن عبد العزيز : (٢)(٣) «لا ردّيدى في الصّدقة» أي لا تردّ.
والمصدر يعمل عمل فعله (٤) سواء كان المصدر بمعنى الماضي أو الحال أو الاستقبال ، لأنّ عمله لكونه في تقدير «أن» مع الفعل سواء كان ماضيا أو غيره ، وإنّما يعمل المصدر إذا لم يكن مفعولا مطلقا ، أي إذا لم يكن منصوبا بفعله المذكور معه لفظا أو تقديرا ، ولا يضمر الفاعل في المصدر كما سيأتي (٥) وإنّما سمّي المصدر مصدرا لأنّ الأفعال صدرت عنه ، أي أخذت منه تشبيها بمصدر الإبل ، وهو المكان الذي ترده الإبل ثم تصدر عنه (٦) ولا يتقدّم معمول المصدر عليه فلا يقال : أعجبني زيدا ضرب عمرو ، لكون المصدر في تقدير أن مع الفعل ، فكما لا يتقدّم ما في حيّز صلة أن عليها ، فكذلك لا يتقدّم ما في حيّز صلة المصدر عليه (٧) ، ولا يلزم ذكر فاعل المصدر بل يجوز أن تقول : أعجبني ضرب زيدا ، ولم يذكر الفاعل ، وإنّما لم يلزم ذكر الفاعل لأن التزامه كان يؤدي إلى الإضمار فيه عند ما يكون لغائب متقدم ذكره ، ولا يضمر فيه الفاعل وإنّما لم يضمر فاعل المصدر فيه ، فرقا بينه وبين الفعل والصفة ، حيث يضمر فاعلهما فيهما ، لأنّ الفعل خبر أو وصف جار مجرى الخبر في اقتضائه مسندا إليه ، وكذلك الصفات فلو قدّر خلوّهما من الضمير لم ترتبط الصفة بالموصوف ولا الخبر بالمبتدأ ، والمصدر اسم على كل حال ، وليس بصفة ، والاسم لا يلزم أن يكون مسندا إلى شيء ، فلذلك لم يضمر فيه فرقا بينه وبين ما وجب فيه الإضمار ، ويجوز إضافة المصدر إلى الفاعل ،
__________________
(١) انظره في المقاصد الحسنة ، ٣٤٨ وكتاب تمييز الطيب من الخبيث ، ١٣٧. والمخصص ، ١٤ / ١٥٥.
(٢) عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي ، قيل عنه خامس الخلفاء الراشدين تشبيها له بهم روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب عددا من الأحاديث توفي سنة ١٠١ ه انظر أخباره في تاريخ ابن خلدون ، ٣ / ١٣١ ـ ١٣٢ ـ ١٤٥ ـ ١٥٦ وتاريخ اليعقوبي ، ٣ / ٤٤ وطبقات الحفاظ ، ٤٦ والأعلام ، ٥ / ٢٠٩.
(٣) انظره في الصحاح واللسان ، ردد.
(٤) الكافية ، ٤١٢.
(٥) بعدها في الأصل مشطوب عليه «كما يضمر في الصفة لأن الصفة تقتضي الموصوف فلو قدر خلوها من الضمير لما حصل ارتباطها بالموصوف ولا كذلك المصدر ، والاسم لا يلزم أن يكون مسندا إلى شيء ولا مفتقرا إلى موصوف فلا يحتاج إلى ضمير يربطه فلا يضمر فيه».
(٦) اللسان ، صدر.
(٧) شرح الوافية ، ٣٢٢ والتسهيل ، ١٤٢ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٩.