واعلم أنّ المصدر قد يرد على وزن اسمي الفاعل والمفعول سماعا لا قياسا (١) فوروده على وزن اسم الفاعل نحو : قم قائما بمعنى قياما ومنه قول الشّاعر : (٢)
أقاتل حتّى لا أرى لي مقاتلا |
|
... |
أي لا أرى قتالا ، ومنه العافية في عافاه الله عافية ، ووروده على وزن المفعول نحو : الميسور والمعسور والمرفوع والموضوع بمعنى اليسر والعسر والرّفع والوضع (٣) وكما جاء اسم الفاعل في موضع المصدر جاء أيضا المصدر في موضع اسم الفاعل. نحو جاء ركضا / ومشيا أي راكضا وماشيا (٤) ، ومنه قوله تعالى (ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً)(٥) أي ساعيات ، وهذا السّماعي إنّما هو في الفعل الثلاثي المجرّد ، وأمّا المزيد فيه والرباعي ، فيجيء منه اسم المفعول في موضع المصدر قياسا ، كأخرجته مخرجا ، وانطلق منطلقا ، ومن المصادر ما جاءت لتكثير الفعل والمبالغة نحو : ما جاء على تفعال سماعا مثل : التّهدار ، والتّرحال والتّرداد (٦) بمعنى الهدر والرحيل والتردّد ، ونحو : ما جاء على تفعيل وهو قياسي مثل : التقطيع ونحو :
__________________
(١) الكتاب ، ٤ / ٩٥ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠.
(٢) هذا صدر بيت لكعب بن مالك ورد في ديوانه ، ١٨٤ وقيل : هو لمالك بن أبي كعب وعجز البيت :
وأنجو إذا غمّ الجبان من الكرب
ورد البيت منسوبا إلى مالك بن أبي كعب في الكتاب ، ٤ / ٩٦ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠ ـ ٥٥ وروي البيت منسوبا لكعب بن مالك في لسان العرب ، قتل ، وشرح لامية الأفعال ، لابن الناظم ، ٥٧ وفي المخصص ، ١٤ / ٢٠٠ لأبي كعب بن مالك وروي البيت من غير نسبة في المقتضب ، ١ / ٧٥ والخصائص ، ١ / ٣٦٧ ـ ٢ / ٣٠٤ والمحتسب ، ٢ / ٦٤ وشرح الأشموني ، ٢ / ٣١٠ ومن الجائز أن يكون مراد الشارح بيتا آخر لزيد الخيل يتشابه صدره مع ما رواه الشارح وعجزه :
وأنجو إذا لم ينج إلّا المكيّس
انظر ديوان زيد الخيل ، ٣٣ ، والمخصص ، ١٤ / ٢٠٠ وهذا البيت في الكتاب ، ٤ / ٩٦ والنوادر ، ٧٩ والخصائص ، ١ / ٣٦٧ ـ ٢ / ٣٠٤ والمحتسب ، ٢ / ٦٤ وسمط اللآلي للبكري ، ١ / ٣٤٥ وشرح المفصل ، ٦ / ٥٠ ـ ٥٥ ولسان العرب ، قتل ، وشرح الأشموني ، ٢ / ٣١٠ ورواية أبي الفداء بكسر التاء ، فهو اسم فاعل أريد به المصدر ، أي قتالا ، وروي بفتحها ، فهو اسم مفعول أريد به المصدر أيضا أو اسم مكان.
(٣) وزاد في الكتاب ٤ / ٩٧ المعقول وانظر المخصص ، ١٤ / ٢٠٠ والمزهر ، ٢ / ٢٤٦.
(٤) شرح المفصل ، ٦ / ٥٠.
(٥) من الآية ٢٦٠ من سورة البقرة.
(٦) وثمة ألفاظ أخرى انظرها في الكتاب ، ٤ / ٨٤.