السابع : في فنون مختلفة» (١).
الثانية : جمع المادة العلمية ، بعد اختيارها ، ثم تبويبها وتنظيمها ، وهذا يعني من جانب آخر أن كتب الكناش تشارك غيرها من أنواع التأليف العلمي ، لأن كل من يريد أن يؤلف كتابا لا بد له من أن يعتمد على كتب سالفيه فينقل آراءهم ويجمع أقوالهم ، وقد ذكرنا من قبل مصادر أبي الفداء ومراجعه تلك التي أقام كناشه عليها فنقل منها ما يوافق منهجه ، واختار منها ما يتصل بموضوعاته ، وقد أشار إلى فكرة الاختيار والاصطفاء بقوله : «قد أكثر النحاة في ذكر اللامات حتى صنف بعضهم فيها كتابا ، وقد أثبتنا منها ما اخترنا إثباته» (٢) ثم لا شك أن قوله في القسم الرابع المشترك : «وهو ما التقطناه من المفصل» (٣) ، يفيد أن هذا الالتقاط قد تمّ بدقة وروية لأنه للضبط والاستذكار ، ولقد نظم أبو الفداء المادة العلمية المختارة تنظيما رائعا ، وفق منهج دقيق ، وخطة محكمة ، وتبويب رائع ، لا يستبعد ممن يضع الدوائر والجداول الهندسية لمسائل نحوية.
فرأيناه يعنون موضوعاته ويربط بين فصوله وأقسامه فيكثر من الإحالات على مواضع في الكناش حتى لا نقع في التكرار ، فإن عدل عن منهجه المتلئب الواضح ، بيّن سبب ذلك معتذرا ، من ذلك حديثه عند ذكره إبدال الياء من النون إذ قال : «وأبدلت الياء من النون في التضعيف أيضا وذكرناه هنا وإن كان التضعيف. يذكر في القسم الثاني ليجتمع الكلام في النون» (٤).
ومثل ذلك اعتذاره عن عقد ذكر للامات إذ قال : «وهي وإن كان تقدم ذكرها في
__________________
(١) الكناش ، ١ / ١١٣. ومن المفيد أن نشير إلى أن تعدد الفنون ليس سمة عامة تتسم بها كتب الكناش ، فقد يكون الكناش مقصورا على الطب فقط أو على الأدب أو على فن من الفنون المتعددة ، وحديثنا هنا عن كناش أبي الفداء وسماته تلك التي ألفيناها في كناشه. انظر على سبيل المثال كناش المحاسني «إسماعيل» المحاسني المتوفى ١١٠٢ ه ، في دار الكتب المصرية تحت رقم ٦٧٧ أدب تيمور. وكناشة في الطب لم يعلم مؤلفها ، تحت رقم ٥٧٧ طب ـ طلعت.
(٢) الكناش ، ٢ / ١٣٨.
(٣) الكناش ، ٢ / ١٥١.
(٤) الكناش ، ٢ / ٢٣٢ ـ ٢٣٣ وانظر ١ / ٢٦٩.