حروف الجر لكن إعادتها هنا لا تخلو من زيادة فائدة» (١) وكرّر هذا الاعتذار صراحة مع الواو حين قال : «والاعتذار في إعادة ذكرها كما تقدم في اللام» (٢).
ووجدناه أحيانا ينقد النحويين في تبويباتهم فيقول مثلا عن باب الإخبار بالذي : «والذي في هذه الصور مبتدأ واجب التقديم ، والإسم المخبر عنه بالذي خبر واجب التأخير ، ومع ذلك لم يذكرا في مواضع وجوب تقديم المبتدأ ووجوب تأخير الخبر» (٣).
وألفيناه أيضا يخالف أحيانا الترتيب الداخلي لبعض المسائل في المفصل والكافية والشافية ، فيشير إلى ذلك ، قال تحت عنوان : «ذكر الأسماء المتصلة بالأفعال» ، وهي ثمانية المصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة ، وأفعل التفضيل وهذه الخمسة هي المذكورة في كتب النحو لكونها تعمل ، وأما الثلاثة الباقية من اسم الزمان واسم المكان واسم الآلة وهذه الثلاثة من قسم التصريف لكونها لا تعمل وقد أثبتناها وغيرها من أبواب التصريف ، في كتابنا هذا لكونه من كتب الكناش فأجري مجرى الكناش» (٤) فقوله : فأجري مجرى الكناش ، يفيد أنه خالف المألوف ، وكأن الأصل ـ فيما يبدو ـ أن يسير شارح المتن وفق تنظيم وترتيب المتن الذي تصدّى لشرحه ، وحين يعلن المؤلف أن كتابه هو «كناش» فهذا فيما أحسب يعفيه من الالتزام بترتيب المتن الذي يشرحه ، فنقله اسم الزمان والمكان والآلة إلى المشتقات العاملة فيه مخالفة يسيرة لترتيب بعض الموضوعات في المتون الثلاثة التي أدار كناشه عليها ، فصاحب المفصل ذكر هذه الموضوعات بعد المصغّر والمنسوب في حين أن أبا الفداء قدّمها عليها ، وصاحب الكافية لم يذكر هذه الموضوعات فيها لأنها موضوعات صرفية ، فجاء ذكرها في الشافية متقدمة أيضا على المضمر والمنسوب ، وكل ذلك يعني أن أبا الفداء حين جعل كتابه «كناشا» قد وسّع على نفسه وتحرّر هنا من سلطان الترتيب المتبع في المتون الثلاثة ، ولعل هذا يفيد من جهة ثانية ،
__________________
(١) الكناش ، ٢ / ١٣٨.
(٢) الكناش ، ٢ / ١٤٤.
(٣) الكناش ، ٢ / ٢٦٧.
(٤) الكناش ، ١ / ٣١٩.