المطولة فاخترته واختصرته من الكامل ... (١) وذكر في مقدمة تقويم البلدان ما نصه : «لما وقفنا على ذلك وتأملناه جمعنا في هذا المختصر ما تفرق في الكتب المذكورة من غير أن ندّعي الإحاطة» (٢). وتلاقي الكتب الثلاثة في الغاية من تآليفها لا يعني الاتفاق في طريقة عرض المادة العلمية فيها ، كما ذهب إلى ذلك الدكتور الساعاتي فقد ذكر : «أن أغراض أبي الفداء من تأليف ما كتب كانت معلومة سواء في ميدان الجغرافية ، أو ميدان التاريخ أو الميادين الأخرى التي طرقها» (٣) ثم راح يعرض هدف أبي الفداء من كتبه التي وقف عليها فقال : «فقد كان هدفه في ميدان الجغرافية وضع تقويم للبلدان في أقاليم شتى يمتاز بدقته ووضوحه من ناحية ، وخلوه من النقائص التي شابت ما ألفه الجغرافيون قبله في الموضوع نفسه من ناحية أخرى ، وكان هدفه في ميدان التاريخ جمع مادة تاريخية وفيرة ذات دلالة وعرضها في إيجاز ووضوح» (٤) ثم عرّج إلى الكناش فقال : «وكان غرضه من الكناش عرض مذكرات يجمل فيها أهم ما كان معروفا عن الموضوعات المختلفة التي تناولها دون الدخول في التفاصيل» (٥). وأنهى حديثه بالقول «وكان هدفه من وضع نظم الحاوي ونظم الموازين تقديم المادة الأساسية في كل من الموضوعين ، في صورة ميسّرة لطلاب العلم تسهل عليهم الحفظ من ناحية ، وسرعة تذكرها من ناحية أخرى» (٦).
وإذا سلمنا للدكتور الساعاتي بما ذكره حول منهج أبي الفداء في غير كتاب الكناش فإنا لا نسلم له بأن غرض أبي الفداء من كناشه هو عرض مذكرات موجزة مختصرة سواء أراد د. الساعاتي الكناش المتعدد العلوم الذي لم يتم بعد ـ وذلك لأننا لم نقف عليه فنحكم فيه ـ أم أراد الكتاب الأول من الكناش الذي نحن بصدده .. لأن كناش أبي الفداء هنا هو شرح لأجزاء مختارة من ثلاثة متون كما ذكرنا من قبل
__________________
(١) المختصر ، ٢ ومنهج أبي الفداء في البحث ، ٦٩.
(٢) تقويم البلدان ، ٣ ، ومنهج أبي الفداء ، ٦٩.
(٣) منهج أبي الفداء ، ٦١.
(٤) منهج أبي الفداء ، ٦١.
(٥) منهج أبي الفداء ، ٦١.
(٦) منهج أبي الفداء ، ٦١.