القرآن ينقسم إلى ما يتعلق باللفظ ، كعلم القراءات ، وإلى ما يتعلق بالمعنى كالتفسير فإن اعتماده أيضا على النقل ، وإلى ما يتعلق بأحكامه كالناسخ والمنسوخ ، والعام والخاص ، وكيفية استعمال البعض منه مع البعض وهو العلم الذي يسمى أصول الفقه» وهو بهذا الاعتبار لا يكون رئيس العلوم الشرعية.
والتفسير أول العلوم الإسلامية ظهورا ، إذ قد ظهر الخوض فيه في عصر النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ كان بعض أصحابه قد سأل عن بعض معاني القرآن كما سأله عمر رضياللهعنه عن الكلالة ، ثم اشتهر فيه بعد من الصحابة علي وابن عباس وهما أكثر الصحابة قولا في التفسير ، وزيد بن ثابت وأبيّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهم ، وكثر الخوض فيه ، حين دخل في الإسلام من لم يكن عربي السجية ، فلزم التصدي لبيان معاني القرآن لهم ، وشاع عن التابعين وأشهرهم في ذلك مجاهد وابن جبير ، وهو أيضا أشرف العلوم الإسلامية ورأسها على التحقيق.
وأما تصنيفه فأول من صنف فيه عبد الملك بن جريج المكي المولود سنة ٨٠ ه والمتوفى سنة ١٤٩ ه. صنف كتابه في تفسير آيات كثيرة وجمع فيه آثارا وغيرها أكثر روايته عن أصحاب ابن عباس مثل عطاء ومجاهد ، وصنفت تفاسير ونسبت روايتها إلى ابن عباس ، لكن أهل الأثر تكلموا فيها وهي «تفسير محمد بن السائب الكلبي» المتوفى سنة ١٤٦ ه عن أبي صالح عن ابن عباس ، وقد رمي أبو صالح بالكذب حتى لقب بكلمة «دروغدت» بالفارسية بمعنى الكذاب (١) وهي أوهى الروايات فإذا انضم إليها رواية محمد بن مروان السّدّي عن الكلبي فهي سلسلة الكذب (٢) ، أرادوا بذلك أنها ضد ما لقبوه بسلسلة الذهب ، وهي مالك عن نافع عن ابن عمر. وقد قيل إن الكلبي كان من أصحاب عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل ، الذي أسلم وطعن في الخلفاء الثلاثة وغلا في حب علي بن أبي
__________________
إلى أضرب أربعة : أصول وفروع ومقدمات ومتممات ، فالأصول الكتاب والسنة والإجماع وآثار الصحابة ، والثاني الفروع وهو ما فهم من الأصول ، وهو الفقه وعلم أحوال القلوب ، والثالث المقدمات كالنحو واللغة ، والرابع المتممات للقرآن وللسنة وللآثار وهي القراءات والتفسير والأصول وعلم الرجال وليس في العلوم الشرعية مذموم إلا عرضا ، كبعض أحوال علم الكلام ، وبعض الفقه الذي يقصد للتحيل ونحوه.
(١) «تفسير القرطبي».
(٢) «الإتقان».