يحتاج إلى الإثبات لأنه الأصل بخلاف القول بأنها من القرآن ، لأنّا نجيب بأن هذا وإن كان عدما إلا أن كون التسمية مكتوبة بخط القرآن يوهن كونها ليست من القرآن فههنا لا يمكننا الحكم بأنها ليست من القرآن إلا بالدليل ويأتي الكلام في أن الدليل ما هو ، فثبت أن الكلام الذي أورده القاضي لازم عليه ا ه ، وتبعه على ذلك الفخر الرازي في «تفسيره» ولا يخفى أنه آل في استدلاله إلى المصادرة إذ قد صار مرجع استدلال الغزالي وفخر الدين إلى رسم البسملة في المصاحف ، وسنتكلم عن تحقيق ذلك عند الكلام على مدرك الشافعي. وتعقب ابن رشد في «بداية المجتهد» كلام الباقلاني والغزالي بكلام غير محرر فلا نطيل به.
وأما المسلك الثاني : وهو الاستدلال من الأثر فلا نجد في صحيح السنة ما يشهد بأن البسملة آية من أوائل سور القرآن والأدلة ستة :
الدليل الأول : ما روى مالك في «الموطأ» عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «قال الله تعالى قسمت الصلاة نصفين بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، فأقول : حمدني عبدي» إلخ ، والمراد في الصلاة القراءة في الصلاة ووجه الدليل منه أنه لم يذكربسم الله الرحمن الرحيم.
الثاني : حديث أبيّ بن كعب في «الموطأ» و«الصحيحين» أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «ألا أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل مثلها قبل أن تخرج من المسجد»؟
قال : بلى ، فلما قارب الخروج قال له : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال أبيّ فقرأت (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) حتى أتيت على آخرها ، فهذا دليل على أنه لم يقرأ منها البسملة.
الثالث : ما في «صحيح مسلم» و«سنن أبي داود» و«سنن النسائي» عن أنس بن مالك من طرق كثيرة أنه قال : صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون (بسم الله الرحمن الرحيم) ، لا في أول قراءة ولا في آخرها.
الرابع : حديث عائشة في «صحيح مسلم» و«سنن أبي داود» قالت : كان رسول الله يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد الله رب العالمين.