غير رام. أو فيه مشاكلة نحو : «كما تدين تدان». أراد كما تفعل تجازى. وفسر بعضهم الغرابة بالبلاغة والفصاحة حتى صارت عجيبة وعندي أنه ما أراد بالغرابة إلا أن يكون قولا بديعا خاصيا إذ الغريب مقابل المألوف والغرابة عدم الإلف يريد عدم الإلف به في رفعة الشأن. وأما صاحب «المفتاح» فجعل منعها من التغيير لورودها على سبيل الاستعارة فقال : ثم إن التشبيه التمثيلي متى شاع واشتهر استعماله على سبيل الاستعارة صار يطلق عليه المثل لا غير ا ه. وإلى طريقته مال التفتازانيّ والسيد. وقد علمت سرها وشرحها فيما بيناه. ولورود الأمثال على سبيل الاستعارة لا تغير عن لفظها الذي ورد في الأصل تذكيرا وتأنيثا وغيرهما. فمعنى قولهم في تعريف المثل بهذا الإطلاق : «قول شبه مضربه بمورده» أن مضربه هو الحالة المشبهة سميت مضربا لأنها بمنزلة مكان ضرب ذلك القول أي وضعه أي النطق به يقال ضرب المثل أي شبه ومثل قال تعالى : (أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) [البقرة : ٢٦] وأما مورده فهو الحالة المشبه بها وهي التي ورد ذلك القول أي صدر عند حدوثها ، سميت موردا لأنها بمنزلة مكان الماء الذي يرده المستقون ، ويقال الأمثال السائرة أي الفاشية التي يتناقلها الناس ويتداولونها في مختلف القبائل والبلدان فكأنها تسير من بلد إلى بلد. و (الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) مفرد مراد به مشبه واحد لأن مستوقد النار واحد ولا معنى لاجتماع جماعة على استيقاد نار ولا يريبك كون الحالة المشبه حالة جماعة المنافقين ، كأن تشبيه الهيئة بالهيئة إنما يتعلق بتصوير الهيئة المشبهة بها لا بكونها على وزن الهيئة المشبهة فإن المراد تشبيه حال المنافقين في ظهور أثر الإيمان ونوره مع تعقبه بالضلالة ودوامه ، بحال من استوقد نارا.
واستوقد بمعنى أوقد فالسين والتاء فيه للتأكيد كما هما في قوله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) [آل عمران : ١٩٥] وقولهم استبان الأمر وهذا كقول بعض بني بولان من طي في «الحماسة» :
نستوقد النبل بالحضيض ونص |
|
طاد نفوسا بنت على الكرم |
__________________
اسم المفعول بمعنى المحكك عليه أي تتحكك عليه الإبل الجرباء فيصير صلبا بعد أن يزول قشره. والعذيق : تصغير عذق ـ بفتح العين ـ وهو النخلة ، والمرجب بصيغة اسم المفعول الذي جعلت له رجبة ـ بضم الراء وسكون الجيم ـ وهي دعامة تبنى حوله لئلا ينقعر أسفله. وهو مثل يضرب لمن خبر الأمور وجربها حتى صار الناس يستشفون برأيه. قاله الحباب الأنصاري يوم السقيفة.